أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ ابن الحمامي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن برد الأنطاكي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال: ذكره أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده قال: " قال لنا رضي الله عنه: أتحبون أن أعلمكم كيف كان إسلامي؟ قال: قلنا: نعم , قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا في يوم حار شديد الحر بالهاجرة في بعض طريق عمر بن الخطاب مكة، إذ لقيني رجل من قريش، فقال: أين تريد يا فقلت: أريد التي والتي والتي قال: عجبا لك يا ابن الخطاب؟ أنت تزعم أنك كذلك، وقد دخل عليك الأمر في بيتك. ابن الخطاب،
قال: قلت: وما ذاك؟ قال: أختك قد أسلمت، قال: فرجعت مغضبا حتى قرعت الباب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم الرجل والرجلان ممن لا شيء له ضمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرجل الذي في يده السعة، فينالاه من فضل طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، فلما قرعت الباب قيل: من هذا؟ [ ص: 217 ] قلت: فتبادروا فاختفوا مني، وقد كانوا يقرؤون صحيفة بين أيديهم تركوها أو نسوها. عمر بن الخطاب،
فقامت أختي تفتح الباب، فقلت: يا عدوة نفسها أصبوت؟ وضربتها بشيء في يدي على رأسها، فسال الدم، فلما رأت الدم بكت، فقالت: يا ما كنت فاعلا، فافعل، فقد صبوت. ابن الخطاب
قال: ودخلت حتى جلست على السرير فنظرت إلى الصحيفة وسط البيت، فقلت: ما هذا؟ ناولينيها، فقالت: لست من أهلها أنت لا تطهر من الجنابة، وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون.
فما زلت بها حتى ناولتنيها، ففتحتها فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، فلما مررت باسم من أسماء الله عز وجل ذعرت منه، فألقيت الصحيفة، ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها، فإذا فيها سبح لله ما في السموات والأرض فلما مررت باسم من أسماء الله ذعرت، ثم رجعت إلى نفسي، فقرأتها حتى بلغت: آمنوا بالله ورسوله إلى آخر الآية، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فخرجوا إلي متبادرين وكبروا وقالوا: أبشر يا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين، فقال: " ابن الخطاب، إما اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: أبو جهل بن هشام، وإما وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك فأبشر. عمر بن الخطاب،
قال: قلت: فأخبروني أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما عرفوا الصدق مني قالوا: في بيت بأسفل الصفا، فخرجت حتى قرعت الباب عليهم، فقالوا: من هذا؟ قلت: قال: وقد علموا من شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يعلمون بإسلامي، فما اجترأ أحد يفتح الباب حتى قال: "افتحوا له، إن يرد الله به خيرا يهده" ففتحوا لي الباب فأخذ رجلان بعضدي حتى أتيا بي النبي [ ص: 218 ] صلى الله عليه وسلم فقال: "خلوا عنه" ثم أخذ بمجامع قميصي، ثم جذبني إليه، ثم قال: "أسلم يا ابن الخطاب، اللهم اهده" فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. ابن الخطاب
فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة، وكانوا مستخفين، فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب فيضرب إلا رأيته، ولا يصيبني من ذلك شيء.
فخرجت حتى جئت خالي، وكان شريفا، فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: قال: فخرج إلي فقلت: علمت أني قد صبوت قال: أوفعلت؟ قلت: نعم , قال: لا تفعل، فقلت: قد فعلت: فدخل، وأجاف الباب دوني، فقلت: ما هذا شيء، فذهبت إلى رجل من عظماء ابن الخطاب قريش، فناديته، فخرج إلي فقلت مثل مقالتي لخالي، وقال مثل ما قال ودخل وأجاف الباب دوني.
فقلت في نفسي: ما هذا شيء، إن المسلمين يضربون، وأنا لا أضرب.
فقال لي رجل: أتحب أن يعلم بإسلامك؟ فقلت: نعم , قال: فإذا جلس الناس في الحجر , فأت فلانا - لرجل لم يكن يكتم السر - فقل له فيما بينك وبينه: إني قد صبوت، فإنه قل ما يكتم السر.
قال: فجئت وقد اجتمع الناس في الحجر فقلت فيما بيني وبينه: إني قد صبوت.
قال: أوفعلت؟ قلت: نعم , قال: فنادى بأعلى صوته: إن قد صبأ، فبادر إلي أولئك الناس، فما زلت أضربهم ويضربونني فاجتمع علي الناس. ابن الخطاب
فقال خالي: ما هذه الجماعة؟ قيل: عمر قد صبأ، فقام على الحجر فأشار بكمه هكذا، ألا إني قد أجرت ابن أخي، فتكشفوا عني، فكنت لا أشاء أن أرى [ ص: 219 ] رجلا من المسلمين يضرب ويضرب إلا رأيته فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني، فأتيت خالي فقلت: جوارك عليك رد، فقل ما شئت، فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام ".