الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

البحر الزخار المعروف بمسند البزار 10 - 18

البزار - أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار

صفحة جزء
7310 - حدثنا أحمد بن منصور ، نا يونس بن محمد ، نا حرب بن ميمون ، عن النضر بن أنس ، قال : جاءت أم سليم إلى أبي أنس ، فقالت : قد جئت اليوم بما تكره ، فقال : لا تزالين تجيئين بما أكره من عند هذا الأعرابي ، [ ص: 495 ] قال : كان أعرابيا ، اصطفاه الله واختاره ، وجعله نبيا ، قال : ما الذي جئت به ؟ قالت : حرمت الخمر ، هذا فراق بيني وبينك ، فمات مشركا ، وجاء أبو طلحة إلى أم سليم ، فقالت : ما جاء بك يا أبا طلحة ؟ قال : جئت خاطبا ، قالت : أسلمت ؟ قال : لا ، قال : ما تسألين عن إسلامي ؟ قالت : لم أكن أتزوجك وأنت مشرك ، قال : لا والله ، ما هذا دهرك ، قالت : فما دهري ؟ قال : دهرك في الصفراء والبيضاء ، قالت : فإني أشهدك ، وأشهد نبي الله صلى الله عليه وسلم ، أنك إن أسلمت ، فقد رضيت بالإسلام منك ، قال : فمن لي بهذا ؟ قالت : يا أنس ، قم فانطلق مع عمك ، فقام فوضع يده على عاتقي ، فانطلقنا ، حتى كنا قريبا من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فسمع كلامه ، فقال : هذا أبو طلحة ، بين عينيه غرة الإسلام ، حتى جاء ، فسلم على نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، فولدت له غلاما ، ثم إن الغلام درج ، وأعجب به أبوه ، فقبضه الله تبارك وتعالى إليه ، فجاء أبو طلحة ، فقال : ما فعل ابني يا أم سليم ؟ قالت : خير ما كان ، قالت : ألا تتغدى ، قد أخرت غداءك اليوم ؟ قال : فقربت إليه غداءه ، فتغدى ، حتى إذا فرغ من غدائه ، قالت : يا أبا طلحة ، عارية استعارها قوم ، وكانت العارية عندهم ما قضى الله ، وإن أهل العارية أرسلوا إلى عاريتهم فقبضوها ، ألهم أن يجزعوا عليه ؟ قال : لا ، قالت : فإن ابنك قد فارق الدنيا ، قال : وأين هو ؟ قالت : ها هو ذا في المخدع ، فدخل ، فكشف عنه ، واسترجع ، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحدثه بقول أم سليم ، قال : والذي بعثني بالحق ، لقد قذف الله تعالى في رحمها ذكرا ، لصبرها على ولدها ، قال : فوضعته ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : اذهب يا أنس إلى أمك ، فقل لها : إذا قطعت سرار ابنك ، فلا تذيقيه شيئا حتى ترسلي به إلي ، قال : فوضعته على ذراعي ، حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضعته بين يديه ، فقال : ائتني بثلاث تمرات عجوة ، قال : فجئته بهن ، فقذف [ ص: 496 ] نواهن ، ثم قذفه في فيه ، فلاكه ، ثم فتح فا الغلام ، فجعله في فيه ، فجعل يتلمط ، فقال : أنصاري يحب التمر ، فقال : اذهب إلى أمك ، فقل : بارك الله لك فيه ، وجعله برا تقيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية