الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        المسألة الثانية : في الترادف

                        هو توالي الألفاظ المفردة الدالة على مسمى واحد باعتبار معنى واحد .

                        فيخرج عن هذا دلالة اللفظين على شيء واحد ، لا باعتبار واحد بل باعتبار صفتين ، كالصارم والمهند ، أو باعتبار الصفة وصفة الصفة كالفصيح والناطق .

                        [ ص: 88 ] والفرق بين الأسماء المترادفة والأسماء المؤكدة ، أن المترادفة : تفيد فائدة واحدة من غير تفاوت أصلا .

                        وأما المؤكدة : فإن الاسم الذي وقع به التأكيد يفيد تقوية المؤكد ، أو دفع توهم التجوز أو السهو ، أو عدم الشمول .

                        وقد ذهب الجمهور إلى إثبات الترادف في اللغة العربية ، وهو الحق .

                        وسببه : إما تعدد الواضع ، أو توسيع دائرة التعبير ، وتكثير وسائله ، وهو المسمى عند أهل البيان بالافتنان ، أو تسهيل مجال النظم والنثر وأنواع البديع ، فإنه قد يصلح أحد اللفظين المترادفين للقافية أو السجعة دون الآخر ، وقد يحصل التجنيس والتقابل ، والمطابقة ، ونحو ذلك بهذا دون هذا ، وبهذا يندفع ما قاله المانعون ; لوقوع الترادف في اللغة من أنه لو وقع لعري عن الفائدة ، لكفاية أحدهما ، فيكون الثاني من باب العبث ، ويندفع أيضا ما قالوه من أنه يكون من تحصيل الحاصل ، ولم يأتوا بحجة مقبولة في مقابلة ما هو معلوم بالضرورة من وقوع الترادف في لغة العرب ، مثل : الأسد والليث والحنطة والقمح والجلوس والقعود ، وهذا كثير جدا ، وإنكاره مباهتة .

                        وقولهم : إن ما يظن أنه من الترادف ، هو من اختلاف الذات والصفة كالإنسان والبشر ، أو الصفات كالخمر لتغطية العقل والعقار لعقره أو لمعاقرته ، أو اختلاف الحالة السابقة كالقعود من القيام ، والجلوس من الاضطجاع - تكلف ظاهر ، وتعسف بحت ، وهو وإن أمكن تكلف مثله في بعض المواد المترادفة ، فإنه لا يمكن في أكثرها ، يعلم هذا كل عالم بلغة العرب ، فالعجب من نسبة المنع من الوقوع إلى مثل ثعلب وابن فارس مع توسعهما في هذا العلم .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية