الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم التجسس على المسلمين، وذكرنا أنه حرام لا يجوز لغير ضرورة؛ لقول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات: 12 } ولما رواه أحمد وغيره عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تؤذوا عباد الله، ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته . وانظر ذلك مفصلا في الفتويين رقم : 16126 ، 65893 ، فلا يجوز لك أن تطلع على بريد ذلك الأخ، ويجب عليك أن تستر عليه ما علمت، ولا تغير رقمه السري أو غيره، لكن انصحه وبين له حرمة إقامة العلاقات مع الفتيات ومراسلتهن والحديث معهن، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية : 1072 ، 1753 ، 621 ، فإن استمر على ذلك ولم يقلع وخشيت تفاقم الأمر فلك أن تتخذ من الوسائل المشروعة ما تغير به ذلك المنكر، كأن تخبر بعض من له سلطة عليهما، وينبغي تهديده بذلك قبل الإقدام عليه. وإذا كان تغيير (الباسوورد) يقطع تلك العلاقة فلا حرج في قطعه دون علمه، لكن نخشى أن يفتح بريدا آخر فيتراسلان عليه. فانظر فيما تغير به ذلك المنكر من الوسائل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل: 125 } .
والله أعلم .