السؤال
ما حكم إعانة فتاة على الدراسة يعني مدها بمراجع ومعلومات من الإنترنت، مع العلم بأن العلم الذي تدرسه مباح، لكن الفتاة سافرة وتدرس في كلية مختلطة؟
ما حكم إعانة فتاة على الدراسة يعني مدها بمراجع ومعلومات من الإنترنت، مع العلم بأن العلم الذي تدرسه مباح، لكن الفتاة سافرة وتدرس في كلية مختلطة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في معنى السفور أنه يراد به كشف المرأة عن وجهها، جاء في لسان العرب لابن منظور: سفرت المرأة وجهها إذا كشف النقاب عن وجهها تسفر سفوراً. وفي كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي: السفور سفر المرأة نقابها عن وجهها فهي سافر وهن سوافر، قال توبة بن الحمير:
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت * فقد رابني منها الغداة سفورها
فجواز السفور بهذا المعنى محل اختلاف بين أهل العلم، مع اتفاقهم على منعه عند خشية الفتنة، وليس من شك في أن السفور للفتاة إذا اقترن بالدراسة المختلطة كان داعياً كبيراً إلى الفتنة، وأما إن كان المقصود بالسفور هنا كشف الرأس أو بعض منه، فلا خلاف حينئذ في تحريمه، وأنه من التبرج الذي نهى الله سبحانه وتعالى النساء عنه فقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}، وأمر نساء المؤمنين بالحجاب فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:59}، ونهى سبحانه نساء المؤمنين أن يبدين زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن وإمائهن ونسائهن، إلا ما ظهر من الزينة، فقال سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ {النور:31}، كما أنه من المعلوم أن الاختلاط في الكليات بالمعنى المعهود الآن من المنكرات المتفشية التي جاءتنا عن طريق ضعاف النفوس ممن تعلقت قلوبهم بحب التشبه بغير المسلمين، فأخذوا ما عندهم من غير تمحيص ولا تدقيق.
والواجب على المسلم هو أن يسعى -ما استطاع- في تغيير أي شيء من هذه المنكرات استطاع تغييره، وإن لم يستطع لها تغييرا فالواجب -على الأقل- أن لا يصدر منه ما يدعمها به أو يرسخها.
وهنا نشير إلى أن إعانتك للفتاة في تعليمها إذا كنت تقصد بها مجالستها لتزويدها بالمراجع والمعلومات، فلا يخفى أن ذلك لا يجوز، لا لأنه إعانة لها في تلك الدراسة، وإنما من باب أن أية علاقة بين شاب وفتاة قد يكون فيها من الخطر على دينهما ما لا يحسب له أي منهما حساباً، وإذا كانت الإعانة ليست مباشرة، بل بواسطة بعض أخواتك أو محارمك ونحو ذلك.. فإذا كانت تلك الإعانة يمكن أن تؤثر سلبا أو إيجابا في سلوكها، فالواجب أن تفعل من ذلك ما يوافق المصلحة، وإن لم يكن لإعانتك لها أي تأثير في الموضوع، فلا حرج في إعانتها، لأنها -حينئذ- لا تعتبر إعانة على المعصية، وإنما هي إعانة للعاصي في غير الوجه الذي منه معصيته.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني