الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المسلم تجاه الابتلاء والوسوسة

السؤال

بارك الله فيكم على ما تقدمونه للإسلام والمسلمينأرجو من فضيلتكم التفضل بالرد على بالسرعة الممكنة إذا سمحتم (ينوبكم في أجر كبير إن شاء الله) فأنا أعاني وبحاجة إلى ما يخفف عني، فمشكلتي باختصار ودون تفاصيل طويلة أنني طرأ على جسمي بعض التغييرات لا أتذكر إن كانت عيوبا خلقية أو حدثت قبل سن البلوغ أو بعده مباشرة ، لا أتذكر تماما ، المهم أنها انحناء في العمود الفقري وبروز في عظمة الكتف ، ولدى مراجعة الأخصائي أفاد أن الانحناء طبيعي والبروز في الكتف بسبب ذلك الانحناء ولا يستدعي أي علاج وقال لي عندما شاهدني في غاية التوتر (حيث إنني ما زلت أعاني من حالة قلق ووسوسة وتقلب في المزاج إلى هذا اليوم بسبب تلك المشكلة) وبالحرف الواحد " أطلع قدامك ولا تتطلع وراك" وقال أيضا "خايف ما حدا يزوجك بنته؟!") ونصحني كذلك بمراجعة أخصائي نفسي لتلقي العلاج لأنه شعر بتوتري الشديد ، وعندما سألته عن الأسباب المحتملة لهذا الانحناء لعلي أرتاح أجابني أنني لا أستطيع تحديد الأسباب ، وهذا والله ما يجعلني أعيش في هم دائم وقلق ، ويسيطر على تفكيري دائما موضوع ظهري مع أني ولله الحمد والمنة من أهل الفجر والقرآن ومؤمن بقضاء الله ، لكن حالة الوسوسة الدائمة عندي أن الله عاقبني بهذا العيب بسبب ذنوب اقترفتها قبل أن التزم حيث جاء الالتزام متأخرا ( أي بعد ظهور المشكلة) وأحيانا تكون الوسوسة أن سبب المشكلة هي ممارستي للعادة السرية منذ الصغر بطرق خاطئة (أسأل الله المغفرة والتمس العذر منكم) فأنا في وسوسة دائمة بين هذا السبب وذاك .أرجو من فضيلتكم النصح والتوجيه لي ، وكيف أتخلص مما أنا فيه ، فأنا على يقين أن العلاج النفسي لن يؤتي أكله معي فالمشكلة ليست مؤقتة إنما هي دائمة وماثلة أمامي كلما نظرت في المرآة ، وأن الحل الأمثل هو الإيمان بقضاء الله واليقين بأن لله الحكمة البالغة والحجة الدامغة في كل ما يفعل ، وأحب أن أسمع ذلك منكم ؟
وأخيرا أرجو من فضيلتكم الدعاء لي بأن يفرج الله همي وينفس كربي ويذهب عني الهم والقلق ولكم الأجر والثواب من عنده جل في علاه .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء التام العاجل وأن يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ، واعلم أن الابتلاء يكون بالخير كما يكون بالشر، وقد بين الله عز وجل ذلك في محكم كتابه، فقال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء: 35} ويكون عقابا، كما يكون تمحيصا واختبارا، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط ، والمؤمن لا يصيبه شيء من ذلك إلا كان له به أجر، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له . وسبق الفرق بين الابتلاء والعقاب بالتفصيل في الفتوى رقم : 13270 ، نرجو أن تطلع عليها .

وعلى المسلم إذا أصابه شيء من ذلك أن يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، ويأخذ بالأسباب التي هي من قضاء الله وقدره لإزالة ما به من ضر، فلم ينزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وهو مأجور على كل حال إن صبر.

وأما ما تجده من الوسوسة والتفكير في هذا الأمر فننصحك بالاشتغال عنه بالاعتصام بالله تعالى والمداومة على ذكره والمحافظة على الفرائض وما استطعت من النوافل وأعمال الخير وخاصة الأذكار المأثورة في الصباح والمساء ، فهذا وما أشبهه هو الذي يرد عنك كيد الشيطان ووساوسه، ولا بأس أن تعرض نفسك على طبيب نفسي مسلم ثقة، وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين :64649 ، 51601 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني