السؤال
حديث النبي صلى الله عليه وسلم في مصنف عبد الرزاق، وسنن النسائي الكبرى أنه قال: "...كلكم يناجي ربه، فلا يؤذ بعضكم بعضًا، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصلاة.وفي حديث آخر في مصنف عبد الرزاق: ".. إن المصلي يناجي ربه، فإذا صلى أحدكم فلينظر ما يناجي به ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.
والسؤال: هل عمل مقرأة كل يوم بعد صلاة الفجر ينافي هذين الحديثين، حيث يوجد من يمكث بعد الفجر إلى شروق الشمس في المسجد يذكر ربه ويقرأ القرآن وحده؟
وسؤال آخر: إذا كان الجواب بالجواز، فما حكم ذلك يوم الجمعة؟ ففي سنن النسائي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ، وكم المدة المنهي فيها عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الحديثين المذكورين في السؤال نهي عن الجهر بالقراءة ورفع الصوت، بحيث يؤذي القارئ من حوله من المصلين أو الذاكرين ونحوهم، قال العلامة الباجي في المنتقى: لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعض، ومنعًا من الإقبال على الصلاة، وتفريغ السر لها وتأمل ما يناجي به ربه، وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعًا حينئذ لإذاية المصلين، فبأن يمنع رفع الصوت بالحديث وغيره أولى. اهـ.
وذكر الحطاب في مواهب الجليل: أن مالكًا سئل عن رفع الصوت بالعلم في المسجد؟ فأنكر ذلك وقال: علم ورفع صوت، فأنكر أن يكون علم ورفع صوت، وفيه كانوا يجلسون كأخي السرار، فإذا كان مجلس العلم على سبيل الاتباع، فليس فيه رفع صوت، فإن وجد فيه رفع صوت منع وأخرج من فعل ذلك. اهـ. والمقصود بقوله كأخي السرار، أي: كمثل من يكلم غيره سرًا.
وقال الدسوقي في حاشيته: وأما قراءة العلم في المساجد، فمن السنة القديمة، ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة. اهـ.
وعليه، فلا بأس بحلقة القرآن في المسجد، بشرط عدم التشويش على مصل أو قارئ أو ذاكر، وعدم رفع الصوت فوق الحاجة.
وأما التحلق قبل صلاة الجمعة، فقد بينا النهي عنه، والمقصود به في الفتوى: 11806، والظاهر أنه شامل لكل جزء من يوم الجمعة قبل الصلاة، لأن هذا ظاهر الحديث، ولأن أهل العلم يعللون ذلك بأنهم مأمورون بالتبكير للصلاة، والتبكير عند كثير من أهل العلم من أول اليوم.
والله أعلم.