السؤال
ينقل عن بعض العلماء كالشيخ ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله أنه لا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان حتي يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة أي يلفظ بالشهادة فيقول أشهد أن محمداً عبده ورسوله بعد شهادة أن لا إله إلا الله، فالكلام ليس على التشهد ولا على الأذان ولكن على الخطبة، فإذا لم يتلفظ بها الخطيب يوم الجمعة، فهل تصح الخطبة، فهل تصح الصلاة، صلاة الجمعة ركعتان وإذا لم تصح صلاة الجمعة، فما حكم الجمع التي سلفت على هذا الشكل، وتجدر الإشارة إلى أن إماما ببلدتنا يقول أثناء الخطبة يوم الجمعه في أغلب الأحيان أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، فهل تصح الخطبة بهد اللفظ أم لا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة ليست من أركان خطبة الجمعة عند أصحاب المذاهب الأربعة قال النووي في المجموع بعد ذكره أركان خطبة الجمعة عند الشافعية: (فرع) في مذاهب العلماء في أقل ما يجزئ في الخطبة قد ذكرنا أن أركانها عندنا خمسة، وبه قال أحمد. وقال الأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن القاسم المالكي وأبو يوسف ومحمد وداود: الواجب ما يقع عليه اسم الخطبة. وقال أبو حنيفة: يكفيه أن يقول: سبحان الله أو بسم الله أو الله أكبر أو نحو ذلك من الأذكار، وقال ابن عبد الحكم المالكي: إن هلل أو سبح أجزأه.
وأركان الخطبة عند الشافعية خمسة هي - حمد الله تعالى، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسل، الوصية بتقوى الله تعالى، قراءة شيء من القرآن، الدعاء للمؤمنين والمؤمنات- وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 63122.
وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة في خطبة الجمعة حيث قال في مجموع الفتاوى: ولهذا كان مبتدأ الدخول في الإسلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بخلاف حال العبادة المحضة فإنه يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله الله أكبر. فإن الشهادة بها يصير مسلماً وهو الأصل والأساس ولهذا جعلت ركنا في الخطب: في خطب الصلاة وهي التشهد يختم بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وفي الخطب خارج الصلاة: كخطبة الحاجة. خطبة ابن مسعود والخطب المشروعة خطبة الجمعة وغيرها. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء. والذين أوجبوا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة كأصحاب الشافعي وأحمد قال كثير منهم: يجب مع الحمد الصلاة عليه وقال بعضهم: يجب ذكره إما بالصلاة وإما بالتشهد. وهو اختيار جدي أبي البركات. والصواب: أن ذكره بالتشهد هو الواجب لدلالة هذا الحديث، ولأن الشهادة إيمان به والصلاة عليه دعاء له وأين هذا من هذا، والتشهد في الصلاة لا بد فيه من الشهادة له في الأول والآخر، وأما الصلاة عليه فشرعت مع الدعاء، وأما التشهد فهو مشروع في الخطب والثناء فتشهد الصلاة ثناء على الحق شرع فيه التشهد والخطبة خطاب مع الناس شرع فيها التشهد والأذان ذكر الله يقصد به الإعلام بوقت العبادة وفعلها فشرع فيه التشهد. انتهى.
وبناء على ما تقدم فإن الجمهور على عدم اشتراط ذكر الشهادة بالرسالة في خطبة الجمعة، وعلى ذلك فمن تركها فخطبته وجمعته صحيحتان، مع أن الأولى الإتيان بذلك لثبوته في السنة وللخروج من الخلاف.
والله أعلم.