الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يدفع البلاء باليأس من رحمة الله

السؤال

أنا عندي استفسار واحد:
نحن عائلة مكونة من عدد من البنات وعدد من الأولاد وأبونا كان إنسانا مدمنا على شرب الخمر وأما الوالدة فإنسانة محافظة على الصلاة ولكنها تحضر مجالس السحر في السابق كثيرا وتتعامل بالخرافات من أجل بعض إخوتي الذين تورطوا في مشاكل أخلاقية، لعل الظروف التي سردتها سبب في تأخر زواجنا بالإضافة إلى أن كل واحدة منا سلكت طريقا خطأ من أجل الزواج، ولكن بدأنا نسقط الواحدة تلو الأخرى، ولكن كل هذه الأسباب جعلتنا أكثر ابتعادا عن رب العالمين، وأكثر انطواء ونحن كبنات نعتقد أن الزواج هو حل مشكلتنا بالإضافة أنه يمكن أن يقربنا من ربنا لكن هذا شيء بعيد المنال ومشاعرنا بدت أكثر بعدا ونفورا ونريد الحل
ماذا نفعل لكي نتقرب إلى الله نترك الحرام"الحديث مع الشباب بالهاتف" لكن هو كل ما يشعرنا بالحياة أو يبقينا على اتصال بالحياة وماذا نفعل لكي نعود للحياة ويتقبلنا المجتمع والله يكتب لنا نصيبا فيها
أنا اكتب لك وأنا في حالة يأس وقنوط فظيعة، وأتمنى أن أسمع جوابك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الابتلاء سنة من سنن الله في هذا الكون يبتلي من شاء من عباده بأنواع البلاء، فالمسلم العاقل من يجعل من البلاء هناء ومن المحنة منحة، فإنه إذا صبر على هذا البلاء والمحنة كانت له العاقبة الحسنى في الدنيا والأخرى. روى مسلم في صحيحه عن صهيب الرومي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. وليعلم أن الجزع والسخط لا يأتي بمرغوب ولا يدفع مرهوبا وإنما يزيد المرء حسرة وندامة.

واعلمي أن اليأس والقنوط من رحمة الله لا يجوز وهو كبيرة من كبائر الذنوب، فنوصيك وأخواتك بفتح أبواب الأمل وحسن الظن بالله، فارفعن إليه أكف الضراعة وعززن ذلك بالتوبة والاستقامة وأنواع الطاعة، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني.

وأما اليأس من رحمة الله واللجوء إلى معصيته فلن يحل إشكالا ولا يدفع بلاء، بل سيزيد المصيبة شدة والأمر تعقيدا لأن المعاصي سبب في كثير من المصائب، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشُّورى:30} وكيف يليق بالمسلم العاقل أن يضيف إلى خسارة دنياه خسارة أخراه فإن ذلك هو الخسران المبين، فالواجب المبادرة إلى التوبة مما قد مضى والإحسان فيما يستقبل وينبغي الحرص على صحبة الصالحات والاستعانة بهن وبأزواجهن في سبيل الحصول على الزواج الصالح، ولا حرج شرعا في أن تبحث المرأة عن زوج صالح بأدب واحتشام، فقد فعل ذلك خيرات النساء في العهد النبوي وراجعي في هذا الفتوى رقم: 7682 ، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 56732.

ونوصيكن بالإحسان إلى الأقارب ولاسيما الوالدان، ومن أعظم الإحسان بذل النصح بأسلوب طيب إلى من أتى منهم منكرا والسعي في إصلاحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني