الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الوالدين زواج ابنهما بسبب حجاب الخطيبة

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة تعرفت على زميلة لي في العمل عمرها 27 سنة، واتفقنا على الزواج بإذن الله، عرضت الأمر على عائلتي ولأنه في بلادي من المفروض أن تتقدم عائلة الرجل لخطبة البنت من أهلها، في البداية لقيت بعضا من المعارضة من والدتي لكونها تكبرني بسنة ثم لما رأت أنني مصرّ قبلت، وقالت عسى أن يجعل الله فيها خيراً، والتقتها مرة وأعجبها جمال الفتاة، ووالدي متخوف لكوني متخرج من دراستي حديثا، وهو يرغب أن أكون نفسي، ويقولان إنه كان من المفروض أن أتمتع بشبابي قبل التفكير في الزواج، في الآخر تقدما معي لأهل الفتاة وقام والدي بخطبتها لي كما هو معمول به في بلدي، بعد أن سأله خال الفتاة إن كنّا قدمنا بقصد الخطبة أم فقط للتعارف، وقرأنا الفاتحة، ولكن بعد بأسبوع، قالت والدتي بأنها لا ترغب أن تكون هذه الفتاة كنّتها، والدتي تؤمن كثيرا بالأحلام، وهذه الأحلام قد تكون في الأرجح من وسواس الشيطان، وحجتها في الرفض هي كون أنّها رأت أنّ عائلة الفتاة لا تليق بها اجتماعيا، وإنها قد حلمت أن "سعدي سينكب" لو تزوجتها.
ما علمته عن رأي والدي في الأمر (المصدر إخوتي) كونه بعد عودته من الخطبة كان يظهر عليه الفرح، ووالدتي تقول العكس إنه غير فرح وأنها لما سألته عن العائلة التي سنصاهرها وقالت إنها غير فرحة، قال لها: (وأنا ما دخلي، هو ابنك الذي اختار حياته وليس لي أي دخل في هذ)ا، وهي تفسر أن كلامه هذا يدل على عدم فرحه، المشكلة هي كوني لا ألقى عائلتي إلا يوما في الأسبوع، لكون عملي في مدينة أخرى، والدتي: غير متدينة، وما أعلمه أنها غير جد مواظبة على الصلاة، ولكن تصلي، وهي تخاف كثيراً من السحر، ولا تقتنع أنه لا يضر أحدا إلا بإذن الله عز وجل، وتتصور غالبا أنه هناك من يرصدها للشر، وما يؤسفني كثيراً هو شعورها بالفخر لانتمائها لعائلة "كذا.." والشعور بالفخر، وهذا ما يجعل اختيار زوجة صعبا ولا يتلاءم مع قناعاتي، والدي، ما أعلمه عنه: كونه يرفض المرأة المتحجّبة، ولما سمع أني اتفقت مع الفتاة على التحجّب، قال إن فعلت فلن يمكثا حيث هما، ولا يأتياني فلا حاجه لي بهما، سواء هذه الخطيبة أو غيرها، استشرت إمام مسجد ثقة وما علمت عنه إلا كل خير، فيما يخص تذبذب رأي والدتي والذي يميل غالبا للرفض، ونصحني بأن لا أتراجع واستشهد بآية لا أذكرها تماما: ولا تطعهما في أن تشرك بما ليس لك به علم وصاحبهما في الدنيا معروفا. (أتمنى أن لا أكون قد أخطأت في كتابتها)، فأرجو أن ترشدوننا إلى ما فيه الخير بإذن الله؟ بارك الله في عباده الأخيار، وجزاكم عنا إن شاء الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان والداك قد رضيا بزواجك من هذه المرأة بدليل ذهابهم معك وإتمام الخطوبة، فلا يضر ما يظهرانه من تردد بسبب كونها متدينة أو متحجبة، وينبغي لأهلك أن يكونوا عوناً لك على ترك غير المتحجبة، لأنها مخالفة لأمر الله، عاصية متبرجة، فالحجاب فرض من الله تعالى، شرعه الله تعالى حفظاً للمرأة، وصيانة لها لضعفها من المفسدين المعتدين، والمسلم هو المستسلم لأمر الله وشرعه، الُمنْقاد له ظاهراً وباطناً، قال الله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65}، ولمعرفة حكم الحجاب، انظر الفتوى رقم: 8287.

والمسلم يعلم أن الأمور بقدر الله تعالى، وأن النفع والضر من الله تعالى، وأن الطيرة والتشاؤم من الأمور التي نهى عنها الشرع، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 14326، والفتوى رقم: 56019.

وعموما ًفإذا كان والداك لم يمنعاك من الزواج بهذه المرأة إلا بسبب تحجبها وتشاؤمهم فلا حرج عليك في مواصلة إتمام هذا النكاح، مع محاولة إرضائهما وإقناعهما، ومن المهم أن تبذل لهما النصح فيما يتعلق بأمر دينهما بحكمة وموعظة حسنة، وخاصة أمك التي ذكرت أنها ربما تكون غير محافظة على الصلاة، وراجع في ذلك للفائدة الفتوى رقم: 40506. والفتاوى المحال عليها فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني