السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) بناء على طلب إخواننا الصيادلة للمساعدة بحساب زكاة مال الصيدليات بصورة دقيقة طبقا للقواعد الشرعية الصحيحة وتضمين ذلك داخل برامج الكمبيوتر الخاصة بإدارة الصيدليات ووفقا لحالة كل صيدلية وقت حولان الحول، فلقد حملنا على عاتقنا هذه المسؤولية من باب قولة تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) لذا نرجو من فضيلتكم أن تساعدونا بالإجابة على هذه الأسئلة لتكملة هذا البرنامج الذي نسأل الله أن ينفع به المسلمين وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا. س1: كيف يتم تحديد بداية الحول بالنسبة للصيدلية ولو فرضنا أن صاحب الصيدلية قام بتركيب البرنامج بعد فتح الصيدلية بعدة أعوام أو عدة شهور فمتى يبدأ الحول عنده لكي يقوم بحساب الزكاة ولو لم يؤد صاحب الصيدلية الزكاة عن الأعوام السابقة فكيف يقوم بتأدية زكاتها مع الأخذ في الاعتبار أنه قد لا يستطع حساب قيمة الصيدلية في الأعوام السابقة، وهل بلغت النصاب أم لا؟ وإذا كانت بعض الأدوية مشتراة بالدين ولم يسدد ثمنها فهل تؤخذ في الاعتبار عند حساب النصاب؟
س2: عند حولان الحول كيف يتم حساب زكاة الصيدلية وهل يشترط عند حولان الحول أن تكون الصيدلية بالغة النصاب أم لا؟
س3: هل يجوز إخراج جزء أو كل زكاة المال في صورة أدوية عند حولان الحول ؟
س4: هل يجوز إخراج الزكاة مقدما (بمعنى إخراجها قبل حولان الحول) سواء أكانت في صورة دواء أو أموال سائلة على أن يتم خصم هذه الأموال أو قيمة الدواء من مبلغ الزكاة؟
س5: عند حولان الحول وتقييم قيمة الأدوية بالصيدلية توجد بالصيدليات أدوية قد انتهت مدة صلاحيتها وسوف يتم إرجاعها فيما بعد إلى الموردين مقابل نسبة من أصل الثمن غير ثابتة فهل يتم إخراج زكاة عن هذه الأدوية؟
س6: لو كان له دين مرجو السداد قبل حولان الحول ولم يقم المدين بأدائه فهل يخرج الزكاة عنه، ولو تأخر عدة أعوام فهل يقوم بإخراج الزكاة عنه كل حول؟
س7: متى يعتبر الدين معدوما ؟ وكيف تؤدى الزكاة عنه؟ وهل يمكن اعتبار مبلغ الدين المعدوم من زكاة المال تيسيرا على المعسر؟
س8: تتعامل معظم المنشآت التجارية بما يسمى (الحساب المفتوح) وفيه يقوم العميل بسحب مشترياته من التاجر دون الارتباط بسداد ثمنها على أن يقوم بسداد أجزاء من إجمالي الثمن حال تيسره حيث تتداخل عمليات الشراء والسداد بشكل يصعب معه تحديد وقت سداد كل دين مثال: قام مريض بشراء أدوية على النحو التالي: حول 1-شراء 100 2-سداد 50 3-سداد 20 4-شراء 50 صافى الدين عند حولان الحول (80) حول لم يقم بأي عملية شراء أو بيع خلال هذا الحول صافى الدين بعد حولان الحول(80) حول 1-شراء 50 2-سداد 50 3-شراء 100 4-سداد 100 صافى الدين عند حولان الحول (80) حول 1-شراء 20 2-سداد 50 3- شراء 40 صافى الدين عند حولان الحول (90) أي أن المريض قد 1- قام بشراء أدوية بقيمة 150جنيها خلال الحول الأول سدد منها 70جنيها ليصبح الدين عليه 80جنيها وقت حولان الحول 2- في الحول التالي لم يقم بشراء اى أدوية ليظل الدين كما هو 80 جنيها 3- وفى الحول التالي سحب مشتريات بمبلغ 150 جنيها وقام بتسديد نفس المبلغ ليظل الدين ثابتا 80 جنيها عند حولان الحول 4- وفى الحول الرابع سحب مشتريات بمبلغ 60 جنيها ولم يسدد خلال هذا الحول سوى 50جنيها ليصبح مديونا بـ90 جنيها مع العلم بأن هذا الدين المستحق به جزء من الدين الذي قد أدى الزكاة عنه س9:هل من الممكن تعميم ما سبق على كافة الأنشطة التجارية التي تتعامل بنفس الأسلوب؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن زكاة الصيدلية مثل زكاة غيرها من عروض التجارة، وكيفية زكاتها بعد مرور الحول هي: أن يقوم التاجر بتقويم كل تجارته حسب سعر السوق ما عدا الأصول الثابتة مثل: المحل وأدوات المكاتب والبرادات والسيارة الخاصة بالاستعمال، فهذه لا تجب فيها الزكاة ما دامت للاستعمال، ثم ينظر فيما له من ديون مرجوة فيضمها لحساب الزكاة، وفيما عليه من ديون فيخصمها إن لم تكن هناك أموال غير زكوية تقابل هذا الدين، ثم يخرج الزكاة بنسبة ربع العشر 2.5% إذا بلغ النصاب، وهو قيمة خمسة وثمانين غراماً من الذهب.هذا ملخص كيفية زكاة عروض التجارة، أما كيف يتم تحديد بداية الحول فإذا كان رأس المال يبلغ النصاب فإن الحول حوله، فمثلا لو كان حول رأس المال في رمضان وفتحت الصيدلية في رجب فإن الحول باق على موعده وهو رمضان، قال ابن قدامة في المغني: وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِنِصَابٍ مِنْ الْأَثْمَانِ، أَوْ بَاعَ عَرْضًا بِنِصَابٍ، لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ ; لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ، لَا فِي نَفْسِهَا، وَالْقِيمَةُ هِيَ الْأَثْمَانُ، فَكَانَا جِنْسًا وَاحِدًا انتهى. وأما إذا كان رأس المال لا يبلغ النصاب فإن الحول يبدأ عندما يبلغ مجموع ما في الصيدلية مما يزكى نصابا، ويرى بعض أهل العلم منهم الإمام مالك أن المعتبر حول رأس المال ولو لم يبلغ النصاب، قال ابن قدامة أيضا: وَإِنْ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ مَا لَيْسَ بِنِصَابٍ، فَنَمَا حَتَّى صَارَ نِصَابًا، انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ حِينَ صَارَ نِصَابًا. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ لَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، فَاتَّجَرَ فِيهَا، فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَقَدْ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، يُزَكِّيهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابٍ، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ نَقَصَ فِي آخِرِهِ. انتهى وسواء كان البرنامج المذكور موجودا في بداية الأمر أم طرأ بعد ذلك، والغالب أن التاجر يعلم المبلغ الذي بدأ به عمله عند فتح المحل ويعلم المراحل التي تمر بها تجارته من ربح وخسارة، فإن لم يعلم ذلك فإن عليه أن يتحرى ثم يخرج الزكاة عن الأعوام التي مرت بدون زكاة، مع أنه لا يجوز تأخير الزكاة بغير عذر معتبر، أما عن الأدوية التي لم يسدد ثمنها وغيرها من الدين، فليجعل في مقابل الدين الأموال غير الزكوية كما سبق في الفتوى رقم: 6336، فإن بقي شيء من الدين خصم من رأس المال ثم يزكي ما بقي، مع التنبيه على أن من شروط وجوب الزكاة مرور الحول على المال وهو نصاب، فإن حال الحول والمال غير نصاب لم تجب فيه الزكاة وبهذا تتم الإجابة عن السؤال الأول والثاني.
وعن السؤال الثالث فإن الواجب هو إخراج النقود وليس الدواء، وقيل يجوز إخراج زكاة العروض من عينها قال ابن قدامة في المغني: و َيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ قِيمَةِ الْعُرُوضِ دُونَ عَيْنِهَا. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ فِي آخَرَ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِخْرَاجِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَبَيْنَ الْإِخْرَاجِ مِنْ عَيْنِهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. لِأَنَّهَا مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَجَازَ إخْرَاجُهَا مِنْ عَيْنِهِ، كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ. وَلَنَا أَنَّ النِّصَابَ مُعْتَبَرٌ بِالْقِيمَةِ ; فَكَانَتْ الزَّكَاةُ مِنْهَا كَالْعَيْنِ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْمَالِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِي قِيمَتِهِ انتهى. كما يجوز عند بعض أهل العلم إخراج القيمة في الزكاة ولا سيما إذا كان ذلك أصلح للفقير كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7086، وعلى هذا القول يجوزدفع الزكاة أو بعضها دواء من باب إخراج القيمة.
وعن السؤال الرابع فقد أجاز أكثر أهل العلم تقديم الزكاة قبل الحول بعد بلوغ المال النصاب إن كان في ذلك مصلحة إذا أخرجت على أنها زكاة، وانظر الفتوى رقم: 6497، والفتوى رقم:12041، وإذا قدم رب المال زكاة حول فإنه لا يطالب بزكاة ذلك المال إلا بعد تمام الحول التالي.
وعن السؤال الخامس فالأصل أن البضائع المنتهية الصلاحية لا قيمة لها لأنها غير متمولة ولا يجوز بيعها، ويجب إتلافها أو تسليمها للجهات المختصة لما فيها من الضرر على الأمة،. لكن ما دامت هذه الأدوية مضمونة القيمة كما قلت فالظاهر أنها تقوم بالمبلغ الذي سيعوض عنها تقريبا مع أن الصيادلة أدرى بقيمتها.
وعن السؤال السادس فإن الدين إذا كان على موسر غير مماطل قوم وحسب من المال الموجود ولو تأخر حولا أو أكثر، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ عَرْضِ تِجَارَةٍ لِمُدِيرٍ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ انتهى، وقيل لا يطالب بزكاته حتى يقبضه فإذا قبضه أخرج زكاته عن كل حول، قال ابن قدامة في المغني: وَإِذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَلِيءٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَقْبِضَهُ، فَيُؤَدِّي لِمَا مَضَى، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى ضَرْبَيْنِ; أَحَدُهُمَا، دَيْنٌ عَلَى مُعْتَرِفٍ بِهِ بَاذِلٍ لَهُ، فَعَلَى صَاحِبِهِ زَكَاتُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ، فَيُؤَدِّي لِمَا مَضَى.انتهى. وانظر الفتوى رقم: 34652،
وأما السؤال السابع فإن الدين بالنسبة للزكاة على قسمين، الأول: دين على مليء غير مماطل، وقد تقدم الكلام عليه، والثاني دين على معسر أو مماطل أو معسر مماطل فهذا لا يحسب في الزكاة، فإذا قبض ولو بعد سنين عديدة زكي لسنة واحدة، وانظر الفتوى رقم: 30766، ولا يجزئ عن الزكاة إسقاط الدين واعتباره زكاة كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 2040، والفتوى رقم: 9918، أما بالنسبة للسؤال الثامن فإن تحديد وقت سداد الدين لا يتوقف عليه شيء في موضوع الزكاة، وكذلك ما ذكر من الشراء والسداد أو سداد البعض أو عدم حصول الشراء أصلا، وذلك لأن التصرفات أثناء الحول لا عبرة بها، بل المهم أن ينظر رب المال عند تمام الحول ما عليه من الديون وماله منها، وقد تقدم التفصيل في ذلك في هذه الفتوى، ثم إن جميع ما ذكر عام في زكاة عروض التجارة سواء في ذلك الصيدلية وغيرها من عروض التجارة، وأخيرا نقول للإخوة القائمين على إعداد هذا البرنامج جزاكم الله تعالى أحسن الجزاء، وعليكم أن تعرضوا عملكم هذا بعد اكتماله على جهة شرعية مختصة للنظر فيه والتدقيق.
والله أعلم