السؤال
هل يجوز أن أصلي في مسجد يرتفع داخله عن الطارمة مقدار كاشية (2سم) حيث يقف الإمام في حالة انطفاء الكهرباء عند الباب الذي يرتفع (2سم) عن المأمومين الذين يصلون خلفة في الطارمة منخفضين مقدار كاشية، وهل يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه لا يجوز أن يصلي الإمام مرتفعا عن المأمومين أفتونا ؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكون الإمام يصلي بمكان أرفع من مكان المأمومين مكروه عند بعض أهل العلم سواء كان الارتفاع بقصد التعليم أم لا، وبعضهم يقول بعدم الكراهة إذا كان لغرض تعليم المأمومين، قال ابن قدامة في المغني : المشهور في المذهب أنه يكره أن يكون الإمام أعلى من المأمومين سواء أراد تعليمهم الصلاة أو لم يرد، وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكره فإن علي بن المديني قال : سألني أحمد عن حديث سهل بن سعد، وقال: إنما أردت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أعلى من الناس فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، وقال الشافعي: أختار للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع فيراه من خلفه، فيقتدون به لما روى سهل بن سعد، قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه ـ يعني المنبر ـ فكبر وكبر الناس وراءه ثم ركع وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي . متفق عليه . ولنا ما روي أن عمار بن ياسر كان بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار فقام على دكان والناس أسفل منه فتقدم حذيفة فأخذ بيده فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم . قال عمار: فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي . انتهى .
وقال النووي في المجموع : قال أصحابنا : يكره أن يكون موضع الإمام أو المأموم أعلى من موضع الآخر، فإن احتيج إليه لتعليمهم أفعال الصلاة أو ليبلغ المأموم القوم تكبيرات الإمام ونحو ذلك استحب الارتفاع لتحصيل هذا المقصود هذا مذهبنا وهو رواية عن أبي حنيفة وعنه رواية: أنه يكره الارتفاع مطلقا، وبه قال مالك والأوزاعي وحكى الشيخ أبو حامد عن الأوزاعي أنه قال : تبطل به الصلاة . انتهى .
وارتفاع الإمام الذي ذكرت هو من قبيل الارتفاع اليسير الذي لا حرج فيه ولا كراهة، قال ابن قدامة في المغني أيضا : ولا بأس بالعلو اليسير لحديث سهل، ولأن النهي معلل بما يفضي إليه من رفع البصر في الصلاة وهذا يخص الكثير فعلى هذا يكون اليسير مثل درجة المنبر ونحوها لما ذكرنا في حديث سهل . والله أعلم . انتهى .
والله أعلم .