السؤال
لقد كنت في زمن مضى تاجر ذهب ، والشك ينتابني من كل شخص، دخل ثلاث نساء وعند انتهاء المعاملة شككت في اختفاء بعض الأقراط ليس شكا وإنما كنت واثقا في تلك اللحظة من الاختفاء - وبعد خروجهن قمت بوزن البضاعة فتبين لي أني اتهمتهن بالسرقة ، ومنذ تلك الفترة أشعر بعظم الخطأ الذي ارتكبته وأقسم بالله أن الموضوع يؤرقني أفتونا جزاكم الله خيرا ؟
أرشدونا هداكم الله .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن اتهام المسلم البريء بالسرقة أمر محرم ؛ لقوله تعالى : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58 } ولقوله صلى الله عليه وسلم : ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال . رواه أبو داود وصححه الألباني .
فإن كنت قد صرحت باتهام هؤلاء النسوة بالسرقة فقد أخطأت في حقهن ، وعليك أن تستسمحهن إن أمكن ذلك ، فإن كان ذلك غير ممكن فتكفيك التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب .
وعلى المسلم عموما أن لا يسيء الظن بالمؤمنين ، فقد نهى الله تعالى عن ذلك في قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12 } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث . رواه البخاري ومسلم .
وقد عد العلماء سوء الظن بالمسلمين من الكبائر ، وقد عرفه الخطابي بقوله : هو تحقيق الظن وتصديقه دون ما يهجس في النفس ، فإن ذلك فوق ما يملك الإنسان التحكم فيه. وقال النووي : مراد الخطابي أن المحرم من الظن ما يستمر صاحبه عليه ويستقر في قلبه .
وعليه؛ فإن كان ما ظننته في هؤلاء النسوة مجرد هاجس وشك عابر ، فلا إثم فيه ، بخلاف ما إذا استقر في قلبك ، ولمعرفة كيفية علاج سوء الظن راجع الفتوى رقم : 48025 .
والله أعلم .