السؤال
ما مناسبة نزول الآية في سورة المائدة " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " وهل صحيح أن الآية تعطي لعلي بن أبي طالب حق الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
ما مناسبة نزول الآية في سورة المائدة " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " وهل صحيح أن الآية تعطي لعلي بن أبي طالب حق الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الآية من سورة المائدة، ويذكر المفسرون أنها نزلت بين مكة والمدينة في طريقه صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع أو في ذهابه منها. واختلف في سب نزولها قال البغوي: روى الحسن : أن الله تعالى لما بعث رسوله ضاق ذرعا وعرف أن من الناس من يكذبه فنزلت هذه الآية. وقيل: نزلت في عيب اليهود وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام فقالوا: أسلمنا قبلك، وجعلوا يستهزؤون به فيقولون له : تريد أن نتخذك حنانا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم حنانا، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك سكت فنزلت هذه الآية وأمره أن يقول لهم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ.... {المائدة: 68} الآية. وقيل: بلغ ما أنزل إليك من الرجم والقصاص، نزلت في قصة اليهود. وقيل : نزلت في أمر زينب بنت جحش ونكاحها. وقيل: في الجهاد وذلك أن المنافقين كرهوه. انتهى.
وقد فسرت بتفسيرات كثيرة، قال القرطبي: والصحيح القول بالعموم، قال ابن عباس: المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته، وهذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئا من أمر شريعته. وقد علم الله تعالى من أمر نبيه أنه لا يكتم شيئا من وحيه (قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت : من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب الله يقول يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ {المائدة: 67} الآية.
قال الألوسي: وزعمت طائفة أن المراد بما أنزلنا إليك خلافة علي كرم الله تعالى وجهه! فقد رووا بأسانيدهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن الله تعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستخلف عليا كرم الله تعالى وجهه، فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له عليه الصلاة والسلام بما أمره بأدائه.. ثم ساق الروايات الصحيحة والضعيفة في ذلك وختمها بقوله: والمعول عليه فيها ما أشرنا إليه ونحوه مما ليس فيه خبر الاستخلاف كما تزعمه تلك الطائفة. انتهى منه بتصرف يسير.
قال الشوكاني: العموم الكائن في ما أنزل يفيد أنه يجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ جميع ما أنزل الله إليه لا يكتم منه شيئا، وفيه دليل على أنه لم يسر إلى أحد مما يتعلق بما أنزله الله إليه شيئا.
والحاصل أنه ليس في تلك الآية ما يدل على أحقية علي بالخلافة كما بينا؛ بل المقصود بها إبلاغ عموم الرسالة، وقد بينها صلى الله عليه وسلم ولم يكتم منها شيئا، ولو كانت تدل على خلافة علي وأنه كان كاتما لذلك قبل نزولها لبينه صلى الله عليه وسلم. قال الألوسي: ويدل لذلك ما رواه أبو نعيم عن الحسن المثنى بن الحسن السبط رضي الله تعالى عنهما أنهم سألوه عن هذا الخبر "قوله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه "هل هو نص على خلافة علي كرم الله تعالى وجهه؟ فقال: لو كان النبي صلى الله عليه و سلم أراد خلافته لقال : أيها الناس هذا ولي أمري والقائم عليكم بعدي فاسمعوا وأطيعوا. ثم قال الحسن : أقسم بالله سبحانه أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم لو آثرا عليا لأجلى هذا الأمر. انتهى من كتابه روح المعاني بتصرف.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني