الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعاصي من أهم أسباب الخذلان والحرمان من التوفيق

السؤال

أنا شاب عمري 22 سنة، أعاني من كثرة الأفكار والاكتئاب، والسبب هو كلما حاولت فعل شيء أخفقت في نهاية المطاف، أتساءل ما إذا كان السبب هو إدماني على اللهو وعلى معاشقة الفتيات، أعزب وأعيش في بلد أجنبي (فرنسا) بعيدا عن والديّ، وأريد الخروج من هذه الحياة السيئة لكن لا أقدر، أرجو الإجابة على أسئلتي؟ شكراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب على كل مسلم التوبة من ذنوبه قبل أن يفجأه الموت، وحينئذ لن ينفعه الندم، قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}، ولعل ما أنت فيه من الضيق والهم والاكتئاب والإخفاق في عملك هو أثر من آثار الذنوب والمعاصي، فإن للمعاصي شؤماً وظلمة في القلب، ويجد مدمنها وحشة بينه وبين ربه وبين الناس وبينه وبين نفسه!! وتتعسر أموره عليه ويحرم التوفيق، قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى {طه:124-125-126}.

فاقطع عنك حياة المجون واللهو، فإن الأمر جد ليس بالهزل، وإن الله لم يخلقنا عبثاً سبحانه، وإنما خلقنا لعبادته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56}، وإن مما حرمه الله تعالى اتخاذ الخليلات والعشيقات، وحرم كل ما يؤدي إلى الفاحشة الكبرى، من إطلاق النظر إلى الحرام ومن مصافحة للنساء الأجنبيات، وهن النساء من غير المحارم، وحرم كذلك الخلوة بهن والكلام معهن بريبة ولغير حاجة ونحو ذلك، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ..... {النور:30-31}، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، وقال أيضاً: لأن يطعن أحدكم في رأسه بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني، وصححه الألباني، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694، والفتوى رقم: 5450.

والذي ننصحك به هو الإسراع بالزواج، إعفافاً لنفسك، وإحصاناً لها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.

وعليك أن لا تمكث في بلاد الكفار وفي إمكانك العودة إلى ديار المسلمين إلا إذا كنت مضطراً لذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود.

واجتهد في تغيير حالك ليسلم قلبك، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 63236، والفتوى رقم: 62979 فإن فيهما بيان علاج القلب المريض وسبل الوصول لدرجة السابقين المقربين، واتبع ما فيها من توجيهات ونصائح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني