السؤال
أنا كثيرة الدعاء والإلحاح فيه، وأحيانا يستجاب دعائي، ولكن أحس بأن هذا الشيء لو لم يحصل لكان أفضل، فهل هذا صحيح، أم أنه حتى لو صار الدعاء واقعا، وأنا لم أفرح به، يكون هو خيرا من ناحية أخرى، وهل من الأفضل أن ندعو بأشياء نتمناها أم نترك الأشياء تحصل على حسب القدر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله أمر عباده بدعائه ووعدهم الإجابة، فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، وقال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود.
قال الحافظ رحمه الله تعالى في الفتح: قال بعض السلف لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه من فتح له منكم باب من الدعاء فتحت له أبواب الرحمة... انتهى.
وقد روى الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً: إن الله يحب الملحين في الدعاء. إذا علم هذا فلا ينبغي للأخت السائلة أن تترك دعاء الله، وإن دعته فاستجاب لها أو لم يستجب لها، فلا ينبغي أن تعتبر أن عدم دعائها كان أفضل لأن الدعاء نفسه عبادة، هذا إذا كان ما تدعو لحصوله أمراً مباحاً، وإلا فلا يجوز الدعاء إلا بما يباح.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال القشيري في الرسالة: اختلف أي الأمرين أولى الدعاء أو السكوت والرضا فقيل الدعاء وهو الذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة لما فيه من إظهار الخضوع والافتقار، وقيل السكوت والرضا أولى لما في التسليم من الفضل قلت وشبهتهم (يعني القائلين بأن السكوت أولى) أن الداعي لا يعرف ما قدر له فدعاؤه إن كان على وفق المقدر، فهو تحصيل الحاصل وإن كان على خلافه فهو معاندة، والجواب عن الأولى: أن الدعاء من جملة العبادة لما فيه من الخضوع والافتقار، وعن الثاني: أنه إذا اعتقد أنه لا يقع إلا ما قدر الله تعالى كان إذعاناً لا معاندة، وفائدة الدعاء تحصيل الثواب بامتثال الأمر ولاحتمال أن يكون المدعو به موقوفاً على الدعاء لأن الله خالق الأسباب ومسبباتها. انتهى.
وبهذا تعلم الأخت السائلة أن الأفضل لها أن تدعو الله تعالى، وتلح في دعائه وتدعو بما تتمناه وما فيه لها فائدة ومصلحة من كل أمر مباح، وتتجنب الدعاء بما فيه إثم أو قطيعة رحم، وتتجنب الاعتداء في الدعاء أيضاً، وتعلم أنه لا يقع إلا ما قدر الله، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49019، 9803، 23425.
والله أعلم.