السؤال
هل من واجبات الحج العفو عن من ظلم، وهل يشمل هذا العفو الحقوق المالية حتى إذا كانت هذه الحقوق المالية اغتصبت بطرق احتيالية وأنفقت في معصية الله، وهل يمكن التنازل عن هذه الحقوق في الدنيا وادخارها للآخرة، أرجو الإفادة بالإجابة مع كافة الآراء الفقهية حتى الضعيف منها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعفو الإنسان عن الحقوق التي له على غيره أمر مرغب فيه شرعاً وليس بواجب لا قبل الحج ولا بعده، ويجد ثواب هذا العفو في الآخرة إن شاء الله تعالى، قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ. فندب إلى العفو ورغب فيه، والعفو من صفة الله تعالى مع القدرة على الانتقام وقد تقدم في آل عمران فضل العافين عن الناس، ففي هذه الألفاظ اليسيرة معان كثيرة لمن تأمل, وقيل إن عفوت فإن الله يعفو عنك، روى ابن المبارك قال: حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جثت الأمم بين يدي رب العالمين يوم القيامة نودي ليقم من أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. يصدق هذا الحديث قوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. انتهى.
وقد ذكر أهل العلم آداب الحج ومنها التوبة ورد المظالم والحقوق التي على الإنسان لغيره، ففي الفتاوى الهندية على الفقه الحنفي أثناء التحدث عن آداب الحج: ثم يبدأ بالتوبة وإخلاص النية ورد المظالم والاستحلال من خصومه ومن كل من عامله، كذا في فتح القدير وقضاء ما قصر في فعله من العبادات والندم على تفريطه في ذلك والعزم على عدم العود إلى مثل ذلك. انتهى.
وعليه فالأفضل في حق المسلم أن يعفو عما له من حقوق على الآخرين، سواء كانت حقوقاً مالية أو غيرها فإنه سيجد ثوابها في الآخرة إن شاء الله تعالى، ولا علاقة لها بالحج ولا بواجباته، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 39037، والفتوى رقم: 62832.
والله أعلم.