الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آكل الربا وموكله شريكان في الإثم

السؤال

امرأة مسنة لديها مبلغ 100ألف جنيه وضعتها في أحد البنوك التى تعطي فوائد ولكنها لا تأخذ الفائدة في بيتها وتقوم باعطائها للفقراء والمساكين فهل هذا حرام وتعتبر هذه الفائدة من زكاة المال فهل هذا يجوز وإذا وضعت المال في البنك بدون فائدة وتخرج عليه الزكاة على مر السنين يقل المال فماذا تفعل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يجوز إيداع المال في البنوك الربوية ولولم يأخذ المودع فائدة على ذلك لأن موكل الربا كآكله فهما شريكان في الإثم، وقد قال تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}. وعن عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال : هم سواء. متفق عليه واللفظ لمسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: اجتنبو السبع الموبقات. وذكر منها" وآكل الربا" كما في صحيح مسلم. قال المارودي في الحاوي الكبير: إن الله تعالى ما أحل الزنا ولا الربا في شريعة قط. وحرمة الربا مما يعلم بالضرورة من الدين فلا يجوز فعله ولا التعامل مع أصحابه لما ذكرناه هنا وفصلناه في الفتويين رقم: 1220،39725. وأما حكم زكاة الودائع الربوية فالواجب فيها هو زكاة أصل المال المودع فيخرج منه ربع العشر ولا تكون الزكاة عنه من الفائدة الخبيثة لأن الله تعالى يقول: ِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ {البقرة: 267}. ويقول رسوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا. صحيح مسلم. وإنما الواجب في تلك الفوائد الربوية المترتبة على الأصل أنها لاتزكى فهي مال خبيث على المسلم لا يجوز له الانتفاع به في نفسه وأهله قال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ {لأعراف: 157}. وإنما تصرف تلك الفوائد في وجوه الخير والمصالح العامة كسد حاجات الفقراء وبناء المستشفيات والطرق ونحوها بنية التخلص منها لا أنها صدقة، وليس للمودع إلا رأس ماله كما قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ{البقرة: 279}. فيأخذه ويأخذ الفوائد ولا يتركها للبنك ويصرفها فيما ذكرناه سابقا وفصلناه في الفتوى رقم: 8157 ، 41. وأما التذرع بالخشية على المال لئلا تهلكه الصدقة، فإن الله سبحانه وتعالى قد أباح من أوجه الكسب الحلال وطرق تنمية المال ما فيه غنية عن الحرام كالبيع والمضاربة والاستثمار في البنوك الإسلامية بالضوابط الشرعية إلى غير ذلك مما هو معلوم. وقد قال تعالى في آخر آية نزلت من كتابه العزيز: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ {البقرة:281}. فلنتق الله سبحانه وتعالى في معاملاتنا ولا نتعدى حدوده التي قد حد لنا، نسأل الله أن يطهر نفوسنا من الشح والبخل وأموالنا من الربا والحرام وأن يهدينا إلى سواء السبيل إنه سميع مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني