السؤال
في سؤال سابق عن العمل في البنك الربوي وأني أعمل مهندس كمبيوتر ولا يوجد لي تعامل مع الجمهور لقد أجبتموني بارك الله فيكم بأنه حرام ولكن لي تعليق صغير قبل العمل في البنك كنت أعمل مهندس كمبيوتر في إحدى الشركات ولكن كان معظم أعمالها صيانة الكمبيوتر لدى البنوك ومعظم الشركات الموجودة في الأردن التي تختص في مجال الكمبيوتر تتعامل في تقديم العمل الفني للكمبيوتر لدى البنوك ولا يوجد شركة إلا شركات قليلة لا تتعامل مع البنوك لقد قدمت لها ولم أحصل على وظيفة فما هو العمل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة مسائل:
المسألة الأولى: حكم عملك في هندسة الكمبيوتر في بنك ربوي والجواب هو ما ذكرته في سؤالك، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49772.
والمسألة الثانية: حكم العمل في شركة لهندسة الكمبيوتر تتعامل مع البنوك الربوية والحكم في ذلك أنه جائز ما لم تعلم أو غلب على ظنك أن الجهاز المعين لبنك ربوي، أما مجرد الاحتمال فإنه لا يمنع من ذلك، وهذا راجع إلى مسألة الإعانة على الحرام، قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (فلو باع العنب ممن يتخذه خمرا) بأن يعلم أو يظن منه ذلك (أو الأمرد من معروف بالفجور) به (ونحو ذلك) من كل تصرف يفضي إلى معصية؛ كبيع الرطب ممن يتخذه نبيذاً، وبيع ديك الهراش، وكبش النطاح ممن يعاني ذلك (حرم) لأنه تسبب إلى معصية.
وقال ابن حجر الهيتمي في الكبائر: والظن في ذلك كالعلم.
وقال ابن مفلح في الفروع: ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعصير لمتخذه خمراً، قطعاً، نقل الجماعة: إذا علم، وقيل: أو ظنا، واختاره شيخنا.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره... كما ذكره القهستاني من الحنفية، وهو صريح كلام المرغيناني الآنف الذكر. وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، أما الشافعية فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمرا أو مسكرا، واختاره ابن تيمية، أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم: فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة، ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه.
والمسألة الثالثة: حكم المال الذي اكتسبته من العمل في هندسة الكمبيوتر في بنك ربوي أو في شركة تتعامل مع البنوك فيما يتعلق بالربا، الحكم في ذلك أنه لا يلزمك التصدق بمثله ولو كان فيه إعانة على الحرام، لأن أصل العمل مباح وإنما جاءته الحرمة من أمر عارض وذلك على الراجح من أقوال الفقهاء وهو مذهب الجمهور، كما هو مبين في الفتوى رقم: 55633.
والمسألة الرابعة: كيف تصنع إذا لم تجد عملا إلا في بنك ربوي أو في شركة تتعامل مع بنك ربوي؟ والجواب: أنه لا حرج عليك في أن تعمل في شركة تتعامل مع البنوك الربوية فيما لا علاقة له بالربا.
وإذا لم يمكن حصول هذا النوع من الوظائف المنفصلة عن الحرام فإن اضطررت إلى الحرام بحيث لو لم تفعل ذلك لهلكت أو قاربت على الهلاك، فلا حرج عليك في ذلك لأن الضرورات تبيح المحظورات، لكن مع البحث الجاد عن سبيل لخروج من هذه الضرورة.
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.
والله أعلم.