السؤال
قصة رجل(ش) له عم (ح) أصابته صدمة في يوم من الأيام، أفقدته السيطرة والتفكير في عواقب الأمور ... وهذا العم متزوج وله أولاد ... رأى ذلك الرجل (ش) رجلا(ج) يزور دار عمه قبل منتصف الليل بقليل، وذلك الرجل (ج) يكون من أقارب زوجة العم (ح)، والرجل (ش) يعلم أن عمه المسكين ينام مبكرا، إذ أن داره قريبة من دار عمه، تكررت الزيارة من ذلك الرجل (ج) مرتين في الأسبوع تقريبا، والغريب أنه يدخل بيت العم وهو نائم ، بل ويدخل في الغرفة الأخرى غير تلك التي ينام العم فيها، أثارت تلك الزيارات غضب الرجل(ش)، إذ كيف يدخل ذلك الرجل (ج) بيت عمه، وهو نائم بل حتى لو استيقظ من منامه يخدع بأي كلمة براقة من زوجته، وهو ذلك الرجل المسكين الذي يغفل فلا يعي ما يدور حوله، وفي يوم عجيب، خرج الرجل (ش) وزوجته وأولاده إلى زيارة لأقاربهما، وبينما هم في الطريق إذ رأوا ذلك الرجل(ج) يتحدث مع زوجة العم (ح) أمام أحد الحوانيت، وذلك بعد صلاة العشاء، يقول الرجل (ش) وفي الساعة الحادية عشرة والنصف غادرنا منزل أقاربنا، وفي الطريق رأينا ذلك الرجل (ج) يجلس مع أخي زوجة العم في المطعم...... وما أن وصلت الدار أنا وأهلي إذ بذلك الرجل يأتي إلى بيت العم ، فازددت غضبا ، كيف يدخل ذلك الرجل الذي تعرفه البلدة بأنه صاحب مغامرات و..... صفات غير حميدة، وكالعادة يدخل ذلك الرجل (ج) الغرفة الأخرى غير تلك الغرفة التي ينام فيها العم، قال الرجل (ش) : بعد دخول الرجل (ج) الغرفة بدقيقتين تقريبا انطلقت إلى بيت عمي وفتحت باب الغرفة التي دخلها الرجل(ج) وعندها وجدت الكارثة ، وهي أن زوجة عمي منبطحة على الأرض مشمرة ثوبها إلى ما فوق الفخذ ، أما الرجل (ج) فقد كان فوقها ، خالعا بنطاله وسرواله إلى نصف فخذيه، قال : ما أن رأيت ذلك المنظر حتى هممت بهما ضربا ، ثم جاءت زوجتي وولدي فزعين ، حيث ظنوا أنه قد أصابني مكروه، قال : أمرت ذلك الرجل(ج) أن يلبس ثوبه جيدا ، ثم اقتدناه أنا وولدي البكر الذي يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما إلى رجل عشيرتنا ، واعترف بجريمته أمام كبار العشائر وأمام أخي المرأة . وقال : الشيطان أطغاني وهي التي أغرتني ، أما هي فلم تعترف صراحة ، ولكن استكفت بقولها : أنه كان يعطيها المال مقابل ذلك، ملاحظة (1): ذلك الرجل (ج) متزوج ، وله أيضا أولاد وبنات متزوجون ، وزوجته على قيد الحياة ، ملاحظة(2): الرجل (ج) يكون من أقارب زوجة العم (ح) وهما من عائلة، والرجل (ش) وعمه الذي تحت ولايته من عائلة أخرى، ملاحظة (3) : لا يوجد خليفة مسلم يحكم الشرع في بلادنا ، بل الأحكام يتصرف بها أهل العشائر، السؤال: هل العمل الذي قام به ذلك الرجل (ش) صحيحا ؟ السؤال الثاني : قال أحد العلماء : على ذلك الرجل (ج) أن يدفع دية حياته لزوج المرأة لأنه لا تقام الحدود في هذه البلد ، وليعتبر غيره ويتعظ ، ولأنه كان معرضا حياته وحياة غيره للقتل ، وهذا ما يوصي به أهل العشائر؟
السوال الثالث: أحد العلماء قال ان الولاية تكون للرجل (ش) و أن الرجل (ش) لو قتل "الزاني" لا يأثم على ذلك، نود معرفة الرأي الصحيح في هذه المسالة مع وضع الأدلة الشرعية في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجواب سؤالك الأول هو: أن ما قام به الرجل من مداهمة بيت عمه صحيح، وهو من إنكار المنكر. قال الإمام النووي في روضة الطالبين: قال الماوردي: فإن غلب على ظن المحتسب أو غيره استسرار قوم بالمنكر بأمارة وآثار ظهرت فذلك ضربان: أحدهما: أن يكون فيه انتهاك حرمة يفوت تداركها بأن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا برجل ليقتله، أو بامرأة ليزني بها، فيجوز التجسس والإقدام على الكشف والإنكار، والثاني: ما قصر عن هذه الرتبة فلا يجوز فيه الكشف والتجسس. اهـ
وقال المليباري في فتح المعين بشرح قرة العين: وليس لأحد البحث والتجسس واقتحام الدور بالظنون، نعم إن أخبره ثقة بمن اختفى بمنكر لا يتدارك كالقتل والزنا لزمه ذلك. اهـ
وقال الشربيني في مغني المحتاج: وليس لكل من الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر التجسس والبحث واقتحام الدور بالظنون، بل إن رأى شيئاً غيره نعم إن أخبره ثقة بمن اختفى بمنكر فيه انتهاك حرمة يفوت تداركها كالزنا والقتل اقتحم له الدار وتجسس وجوباً. اهـ
وأما جواب السؤال الثاني: فما قاله هذا الرجل من لزوم الدية على الزاني قول غير صحيح، وليس عليه دليل، ولم يقل به فيما نعلم أحد من أهل العلم.
وأما جواب السؤال الثالث: فاعلم أن الولايات ثلاث:
1- ولاية مال.
2- ولاية دم.
3- ولاية نكاح.
فإن كان المقصود ولاية المال، فلا ولاية في المال إلا للأب أو الجد. أما ابن الأخ، فلا ولاية له على عمه إلا بأمر الحاكم. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في شرح روض الطالب: (فصل: للأب والجد أخذ النفقة) الواجبة لهما على فرعهما (من مال فرعهما الصغير) أو المجنون بحكم الولاية (و) لهما (تأجيره) أي إيجاره (لها) لما يطيقه من الأعمال (ولا تأخذها الأم) من ماله إذا وجبت نفقتها عليه (و) لا (الابن) من مال أبيه المجنون إذا وجبت نفقته عليه (إلا بالحكم) لعدم ولايتهما (فيولي القاضي الابن الزمن إجارة أبيه المجنون) إذا صلح لصنعة (لنفقته). اهـ
فإذا لم يكن للابن ولاية على أبيه فابن الأخ أولى أن لا يكون له ولاية، وإن كان المقصود ولاية الدم فهي حق لكل وارث.
وإن كان المقصود ولاية النكاح، فهي على قسمين:
1- ولاية إجبار وهي للأب والجد فقط.
2- ولاية اختيار وهي لباقي الأولياء.
وأما جواب الفقرة الأخيرة من سؤالك وهي: هل لو قتل الزاني يأثم أم لا؟
فالجواب هو ما قاله الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم حيث قال: وقد اختلف العلماء فيمن قتل رجلا وزعم أنه وجده قد زنى بامرأته جمهورهم لا يقبل قوله بل يلزمه القصاص إلا أن تقوم بذلك بينة أو يعترف به ورثة القتيل، والبينة أربعة من عدول الرجال يشهدون على نفس الزنى، ويكون القتيل محصناً. وأما فيما بينه وبين الله تعالى، فإن كان صادقاً فلا شيء عليه، وقال بعض أصحابنا يجب على كل من قتل زانياً محصناً القصاص ما لم يأمر السلطان بقتله والصواب الأول. اهـ
وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: قال أبو عمر يريد والله أعلم أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه، وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله، وأن لا يتعدى حدوده، فالله ورسوله أغير ولا خلاف علمته بين العلماء فيمن قتل رجلاً ثم ادعى أنه إنما قتله لأنه وجده مع امرأته بين فخذيها ونحو ذلك من وجوه زناه بها، ولم يعلم ما ذكر عنه إلا بدعواه أنه لا يقبل منه ما ادعاه، وأنه يقتل به إلا أن يأتي بأربعة شهداء يشهدون أنهم رأوا وطأه لها وإيلاجه فيها، ويكون مع ذلك محصناً مسلماً بالغاً أو من يحل دمه بذلك (فإن جاء بشهداء يشهدون له بذلك نجا وإلا قتل، وهذا أمر واضح لو لم يجىء به الخبر لأوجبه النظر، لأن الله حرم دماء المسلمين تحريماً مطلقاً، فمن ثبت عليه أنه قتل مسلماً فادعى أن المسلم قد كان يجب قتله لم يقبل منه رفعه القصاص عن نفسه حتى يتبين ما ذكر، وهكذا كل من لزمه حق لآدمي لم يقبل قوله في المخرج منه إلا ببينة تشهد له بذلك. اهـ، وبهذا يُعلم أنه لا يحق لذلك الرجل قتل ذلك الذي وجده كما وصف وأنه إن قتله بذلك اقتص منه.
والله أعلم.