الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط الاستثمار في شركات تداول العملات: الشروط والموانع

السؤال

أودعت مبلغًا لدى شركة تعمل في تداول العملات على الإنترنت، وأجور الاشتراك السنوية بقيمة 125 مع العمولات للتحويل والإيداع 50 $، وليس لدي أي تدخل في التداول، بل الشركة هي من تقوم بالتداول خلال الشهر، حسب ما يراه المتخصصون في السوق مناسبًا للبيع والشراء، وهذا التداول معرض للخسارة والربح، وبعملات متنوعة.
وفي نهاية الشهر يُسحَب الربح المتحقق، وتأخذ الشركة نسبتها من هذا التداول، ويودَع الربح في حسابي لدى الشركة الذي من خلاله يمكنني سحب المبلغ، ويتم التداول حسب رأس المال المودع، مع أن جميع المشتركين يتم التداول لهم في نفس الوقت، وتختلف نسبة الأرباح والخسارة على رأس المال المستثمر.
ليس هناك قرض؛ لأن التداول يتم عن طريق الشركة، وليست هناك عملات تبييت، والأرباح ليست تراكمية على رأس المال، والتعامل بالعملات فقط، وحساب الأرباح منفصل عن حساب المساهمة (رأس المال)، وجميع عمليات التداول معروفة من ناحية البيع والشراء ونوع العملة ومبلغ الربح أو الخسارة، وليست هناك نسبة ثابتة للربح، وليس هناك ضمان لرأس المال.
هناك عمولات على المستثمرين الجدد الذين تتم إضافتهم عن طريق المستثمر -مباشرة أو غير مباشر- تحفيزًا من الشركة على الاستثمار، فهل التعامل مع هذه الشركات حرام، حيث إن القبض لم يتم مباشرة بعد كل عملية، وهناك عمولات على المستثمرين الجدد؟ وإذا كان حرامًا، فهل يتم استرداد المبلغ المستثمر، ومبلغ الاشتراك والعمولات لقوله تعالى: (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستثمار في شركات تداول العملات، يكون مشروعًا، إذا انضبطت معاملات الشركة نفسها بالضوابط الشرعية في الصرف، وانضبط التعاقد معها بالضوابط الشرعية لعقد المضاربة، وراجع في بيان جملة من هذه الضوابط في الفتاوى: 280756، 206356، 428212.

ولا يخفى أن الشركة هنا تقوم مقام الوكيل عن العملاء والمستثمرين في تداول العملات بيعًا وشراءً، والوكالة في الصرف جائزة إجماعًا، كما سبق بيانه في الفتوى: 379432.

والتقابض المشروط في الصرف إنما يكون في معاملات الشركة أثناء تداول العملات بيعًا وشراءً.

وأما إيداع الأرباح في حساب عملاء الشركة، وتصفية الحساب بين الشركة وعملائها؛ فهذا ليس بصرف، وإنما هو تبعات عقد المضاربة.

وأما العمولات المباشرة على المستثمرين الجدد؛ فتدخل في عقد الجعالة، وهو عقد مشروع، وراجع في ذلك الفتويين: 67331، 188583.

وأما العمولة المتسلسلة (غير المباشرة)، فهي محل إشكال، ولا نرى وجهًا لاستحقاقها، مع ما فيها من مشابهة نظام التسويق الهرمي، كما سبق بيانه في الفتويين: 78031، 266782.

ويبقى الإشكال في أجور الاشتراك السنوية؛ فهذا في معنى جعل دراهم معلومة للمضارب مع ما يأخذه من الربح، وهذا لا يصحّ إجماعًا، ويفسد المضاربة.

قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما، أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. اهـ. وكذا قال ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع.

وقال ابن قدامة في «المغني»: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني