الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستثمار في شركات تداول العملات، يكون مشروعًا، إذا انضبطت معاملات الشركة نفسها بالضوابط الشرعية في الصرف، وانضبط التعاقد معها بالضوابط الشرعية لعقد المضاربة، وراجع في بيان جملة من هذه الضوابط في الفتاوى: 280756، 206356، 428212.
ولا يخفى أن الشركة هنا تقوم مقام الوكيل عن العملاء والمستثمرين في تداول العملات بيعًا وشراءً، والوكالة في الصرف جائزة إجماعًا، كما سبق بيانه في الفتوى: 379432.
والتقابض المشروط في الصرف إنما يكون في معاملات الشركة أثناء تداول العملات بيعًا وشراءً.
وأما إيداع الأرباح في حساب عملاء الشركة، وتصفية الحساب بين الشركة وعملائها؛ فهذا ليس بصرف، وإنما هو تبعات عقد المضاربة.
وأما العمولات المباشرة على المستثمرين الجدد؛ فتدخل في عقد الجعالة، وهو عقد مشروع، وراجع في ذلك الفتويين: 67331، 188583.
وأما العمولة المتسلسلة (غير المباشرة)، فهي محل إشكال، ولا نرى وجهًا لاستحقاقها، مع ما فيها من مشابهة نظام التسويق الهرمي، كما سبق بيانه في الفتويين: 78031، 266782.
ويبقى الإشكال في أجور الاشتراك السنوية؛ فهذا في معنى جعل دراهم معلومة للمضارب مع ما يأخذه من الربح، وهذا لا يصحّ إجماعًا، ويفسد المضاربة.
قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما، أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. اهـ. وكذا قال ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع.
وقال ابن قدامة في «المغني»: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة. اهـ.
والله أعلم.