الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة في تدريس مواد تتعلق بالبنوك والقروض وتقسيم الإيرادات

السؤال

أعمل بالتدريس في الجامعة، وهناك نظام يقتضي قيام كل الأساتذة في القسم العلمي بوضع ما يتحصلون عليه من إيرادات موادهم مع بعضهم ثم يقسمونها بينهم بالتساوي بغض النظر عما يدرسه كل منهم.
المشكلة أن هناك بعض المواد تتناول أمورا محرمة مثل البنوك والقروض، ويندر أن يحذر أستاذ المادة الطلاب من تلك الأشياء ويذكرهم بحرمتها، كما أن بعض الأساتذة قد يهملون في تدريس المواد الخاصة بهم أو يضغطون على الطلاب لتحصيل المزيد من الأموال.
وهناك بديل آخر هو أن أنفصل بموادي عنهم ولا آخذ إلا حصيلة ما أدرسه فقط، ولكن سيظل هناك مواد أدرس فيها مع أستاذ آخر، وسيتم اقتسام حصيلة تلك المواد بيننا.
هل علي إثم في الاشتراك معهم وأخذ نصيبي، أم أحاول الاستقلال عنهم قدر الإمكان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من الشركات الجائزة عند الجمهور شركة الأبدان، وصفتها أن يشترك أشخاص في الكسب الذي يكسبونه، ويقسمون ما حصلوا بينهم، وخالف الشافعية الجمهور في جوازها.

قال ابن قدامة في المغني: وشركة الأبدان جائزة، معنى شركة الأبدان أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم؛ كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم.

وقد استدل ابن قدامة لجوازها بعمل الصحابة في غزوة بدر، فقال في المغني: ولنا، ما روى أبو داود والأثرم بإسنادهما، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: اشتركنا أنا وسعد وعمار يوم بدر، فلم أجئ أنا وعمار بشيء، وجاء سعد بأسيرين. ومثل هذا لا يخفى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أقرهم عليه. اهـ.

والأفضل للمسلم أن يختار لنفسه شريكاً مسلماً عدلاً أميناً، وتُكره مشاركة من لا يتحاشى التعامل بالحرام.

وقد قدمنا في الفتويين: 12227، 227017 تفصيل القول في حكم تدريس ما يتعلق بالبنوك.

وبناء عليه؛ فإن كان الزملاء لا يتحرون الحلال في كسبهم، ولا يحذرون الطلاب من المعاملات المحرمة، فنرى أنه يحسن استقلالك بنفسك فيما يمكن فيه ذلك احتياطا للدين، وبعدا عما فيه ريبة، وأما ما لا يمكن فيه ذلك كالمواد المشتركة وتقسيم حصيلتها فلا حرج في ذلك ما دامت مباحة من حيث الأصل، ولو فُرض وقوع تجاوز من المدرس الثاني فإثمه على نفسه لا عليك، وأنت إنما تأخذ حقك فقط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني