الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام الولاية والتوكيل في الزواج

السؤال

أبي يريد التعدد، المشكلة يريد هجرنا فلا يرانا، ولا نراه، والمشكلة الثانية إذا هجرنا، فحتى لو عرفنا أين سكن (هو يسكن في مكان بعيد جدا عنا)، أو لدينا رقمه، لكننا لا نكلمه؛ لأن أمي، وأهلي يرفضون رفضا تاما التواصل معه، خاصة أنهم ضعيفو الإيمان؛ لذلك سوف يرفضون، وربما يوكلون أخي، كولي دون أبي، وهذا سوف يصبح عائقا في طريق زواجنا أنا وأخواتي، فهل يجوز أن أدعو الله أن لا يتزوج؛ نظرا لهذا الضرر؟ ولكن المنتشر في بلادنا لو حصل زواج، والولي لا يعلم، وبعد مدة اكتشف هذا الزواج لم يكن لديه مانع، فهل معناه لو أن غير أبي قام بالعقد، وأبي يرضى بذلك، حتى لو لم يعلم، لكن ذلك بحسب المنتشر بالبلد، فهل معناه أن العقد صحيح؟ وأحيانا يكون بديل الولي شيخا وهو الذي يعقد القران، وجميع الأولياء يعلمون، ويرضون، بل هم الذين يجلبون الشيخ، ولا يوجد ولي يعترض، ويقول: أريد أن أباشر العقد؛ لأننا متفقون بأن المباشرة للشيخ، ولا يعلم الولي أن له حقا، لكنه راض بأن يباشر الشيخ ذلك، فهل لو جلبنا شيخا يصبح العقد صحيحا؟ كذلك ربما عند عدم علم أبي ربما لو علم لرفضه، وإذا كان كفؤا، فيجب أن يرفضه أكثر من مرة، إذن هو لم يرفض أحدا، وسوف تعد المرة الأولى، فهل لو رفض مرة واحدة تنتقل الولاية لأخي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن رغب أبوك في الزواج فذلك جائز في حقه بشرط العدل؛ فالتعدد مباح لمن كان قادرا على العدل بين زوجتيه، أو زوجاته، قال -تعالى-: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}، ومجرد ما ذكرت من أشياء تخشين أن تحدث لا يمنعه شرعا من الزواج، وليس من حقك مطلقا الدعاء عليه بأن لا يتزوج؛ فليس لك ذلك، وتراجع الفتوى: 285046.

ولو قُدِّر أن تزوج، وسافر بعيدا، فعليكم صلته بما هو ممكن، فالصلة يرجع فيها إلى العرف، كما بينا في الفتوى: 222433. وليس من حق أحد، أمك، أو غيرها، منعك من التواصل معه، ولا طاعة للأم في ذلك؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف، روى البخاري، ومسلم عن علي -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

وبخصوص الزواج، فالأصل أن أباك هو الولي، فهو الأحق بتزويج ابنته، فلا يجوز أن يزوجها الولي الأبعد مع وجود الولي الأقرب، ولا تسقط عن أبيك الولاية، إلا بمسقط من مسقطاتها، كالعضل وهو الامتناع عن تزويج ابنته من الكفء لغير أمر معتبر شرعا، وعندها تنتقل الولاية للأبعد، أو السلطان، على خلاف بين الفقهاء في ذلك، وسبق بيانه في الفتوى: 482674. وإذا زوج الأبعد مع وجود الأقرب، ففي صحة الزواج خلاف بين الفقهاء أوضحناه في الفتوى: 483835، ومن الأقوال في هذه المسألة أن صحة الزواج تتوقف على إجازة الولي، فإن أجازه صح، وإلا كان فاسدا.

ويجوز التوكيل في الزواج من قبل الولي، سواء وكل شيخا، أم غيره، ولكن لا يقوم بالتوكيل، إلا من له ولاية التزويج، فلا يقوم الأبعد بالتوكيل مع وجود الأقرب، إلا إذا سقطت ولايته، كما سلفنا القول في ذلك، وانظري الفتوى: 285418.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني