السؤال
صلاة المتنفل بالمفترض ؟
سئل أحد العلماء الأفاضل : " رجل جاء إلى الجماعة و هم يصلون التراويح وهو يعلم ذلك . هل يصلي معهم بنية العشاء أم يصلي منفردا ؟
فأجاب : لا حرج أن يصلي معهم بنية العشاء في أصح قولي العلماء . وإذا سلم الإمام قام فأكمل صلاته ، لما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة . ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فدل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في بعض أنواع صلاة الخوف ، صلى بطائفة ركعتين ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين . وكانت الأولى فرضه أما الثانية فكانت نفلا وهم مفترضون .اهـ
قلت : كل من أجاز صلاة المتنفل بالمفترض ، استدل بهذين الحديثين . ولكن المتأمل في الحديثين يلاحظ فرقا بين صورة السؤال والصورة فيهما .
ففي حديث معاذ أنه كان يصلي بهم الصلاة التي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي صلاة العشاء ، وقد ورد ذلك صريحا في بعض الألفاظ ، و ذا يدل على أنه كان يدخل بنية إعادة الصلاة الفريضة وإن كانت في حقه نافلة ، فهو قبل أن يكبّر للإحرام يقصد صلاة العشاء بقومه ؛ أعني أنه يأتي بصلاة العشاء على هيئتها المفروضة ... وأما صورة السؤال فمختلفة ، لأنها تتعلق بمن قصد النفل ولا ينوي غير النافلة ... فكيف تلحق هذه بتلك ؟؟؟
وكذلك الحال بالنسبة لحديث صلاة الخوف ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد الصلاة الفريضة بالطائفة الثانية ، وليس في شيء من الأحاديث أنه كان ينوي النافلة .
وقد يكون واجبا في حق الإمام ، في مثل تلك الحال ، إقامة الصلاة مرتين . وهذا هو المتعيّن ، إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك .
هذا وقد ورد الحديث عن جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم وليس فيه التسليم من الركعتين ، وهذا نصه : " ... ثم نودي بالصلاة ، فصلى بطائفة ركعتين ، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، قال : فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان "
فحمل بعض العلماء ، ومنهم النووي رحمه الله ، على التسليم من ركعتين . وذهب بعضهم ، ومنهم ابن القيّم ، على عدم التسليم .
ومهما يكن ، فإنه ليس في حديثي معاذ وجابر في صلاة الخوف ، دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل على الإطلاق . والله تعالى أعلم
(أرجوا التعليق على هذا الكلام ومناقشته للاستفادة من علمكم الغزير, ولكم ألف شكر)