السؤال
أقمت شراكة بالمال والمجهود مع أربعة أفراد، واحد منهم لم يَعُد مهتما بالبيع ومتابعة الصيانة، والآخر لم يعد مهتما بمتابعة الصيانة، ويتابع البيع فقط، وأنا أحاول المتابعة في المسألتين أنا وشخص آخر.
هل لو تم شراء جهاز به عطل في الشركة بمبلغ 200 جنيه، وقمت بإصلاحه، ودفعت أنا بنفسي مبلغ الجهاز وبه عطل للشركة أي لباقي الأفراد، وليكن ألف جنيه، وتم توزيعها بالتساوي على أربعة أفراد، وقمت بإصلاحه عن طريق متخصص، وبعت الجهاز مثلا بعشرة آلاف. فما حكم ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن اشتريت هذا الجهاز من بقية شركائك، بمعنى أن تشتري حصصهم منه، فلا حرج في ذلك.
قال ابن قدامة في «المغني»: إن اشترى أحد الشريكين من مال الشركة شيئا، بطل في قدر حقه؛ لأنه ملكه، وهل يصح في حصة شريكه؟ على وجهين، بناء على تفريق الصفقة.
وتتخرج الصحة في الجميع، بناء على أن لرب المال أن يشترى من مال المضاربة لنفسه. وإن اشترى أحد الشريكين حصة شريكه منه، جاز؛ لأنه يشتري ملك غيره. اهـ.
ثم إذا امتلكت الجهاز، فلا حرج عليك في التصرف فيه بأي تصرف مباح، كإصلاحه وإعادة بيعه بأي سعر يتراضى عليه طرفا البيع، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما البيع عن تراض. رواه ابن ماجه، وصححه البوصيري والألباني.
وانظر للفائدة الفتويين: 108071، 415693.
وأما إن اشتريت الجهاز بنفسك من نفسك كوكيل عن بقية شركائك، فلا يصح ذلك إلا بإذنهم، وبثمن المثل؛ لأن الوكيل يلزمه فعل الأحظ لموكله.
قال الكرمي في «غاية المنتهى»: ولا يصح بيع وكيل لنفسه ولا شراؤه منها لموكله ولو زاد على ثمنه في النداء، إلا إن أذن له فيصح تولي طرفي عقد فيهما ...
وكذا حاكم وأمينه ووصي وناظر وقف ومضارب وشريك عنان ووجوه ...
ويضمنان في شراء الزائد وفي بيع كل النقص عن مقدر، وما لا يتغابن بمثله عادة عن ثمن مثل في زيادة أو نقص. اهـ.
قال الرحيباني في شرحه «مطالب أولي النهى»: (ويضمنان) أي: الوكيل والمضارب (في شراء) بأزيد عن مقدر أو ثمن مثل (الزائد) عنهما، (و) يضمنان (في بيع) بأنقص عن مقدَّر أو ثمن مثل (كل النقص عن مقدر، و) يضمنان في بيع إن لم يقدر لهما ثمن كل (ما يتغابن بمثله عادة) كأن يعطي لوكيله ثوبا ثمن مثله مائة درهم ليبيعه له، ولم يقدر له الثمن، فيبيعه بثمانين، والحال أن مثل هذا الثوب قد يبيعه غيره بخمسة وتسعين درهما، فهذه الخمسة التي نقصت عن ثمن مثله مما يتغابن الناس بمثله في العادة، فلو أن الوكيل باع بمثل هذا النقص؛ لم يضمن شيئا؛ لأن التحرز عن مثله عسر، لكنه لو باع بنقص لا يتغابن بمثله بين التجار -وهو عشرون من مائة- فيضمن جميع العشرين (عن ثمن مثل في زيادة أو نقص)؛ لأنه تفريط بترك الاحتياط وطلب الأحظ لموكله في بقاء العقد. اهـ.
والله أعلم.