السؤال
أنا طالب طب أسنان، وضعنا الاقتصادي -تقريبًا- جيد، عندما انتهيت من الثانوية العامة، حلف والدي ألا ينفق عليَّ في الجامعة، وكان هذا اليمين من غير سبب، وكانت رسوم الجامعة عالية جدًا جدًا، ومن كرم الله، ومنِّه علَّي، أن أرسل لي أشخاصًا دفعوا لي رسوم الجامعة، والمصروف. علماً أن والدي لا يزال مصرًا على ذلك، على الرغم من امتلاكه للأموال. فهل عدم قيامي ببره يُعَدُ عقوقًا، على الرغم من أن الأب سبق بالعقوق قبلي؟
وشكرًا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا؛ أنّ نفقات الدراسة الجامعية لا تدخل في النفقة الواجبة على الوالد، ولكنها تبرع وإحسان، وقد بينَّا ذلك في كثير من الفتاوى السابقة، وانظر على سبيل المثال الفتوى: 59707.
وعليه؛ فليس الأمر -كما ذكرت- من كون أبيك قد عقّك، وعلى فرض أنّ أباك قد أساء إليك، أو منعك حقاّ؛ فهذا لا يبيح لك عقوقه، ولا يسقط حقّه عليك، فقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما -وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين -يعني: من الجنة-، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
واحذر من الوقوع في عقوق الوالد، فإنّه من أكبر الكبائر، ففي صحيح البخاري عن أبي بكرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أخبركم بأكبر الكبائر! قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.
فاتق الله! وبادر بالتوبة إلى الله، واعتذر لأبيك عمَّا حصل منك من تفريط في حقّه، واحرص على برّه والإحسان إليه، فبر الوالدين من أفضل الأعمال التي يحبها الله، والصبر على ذلك من أعظم أسباب رضوان الله، ونيل معيته وتوفيقه.
ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
والله أعلم.