السؤال
قال ابن سعد في الطبقات(الجزء السادس,صفحة 83) في حق الحارث الأعور: ضعيف في "حديثه", أم قال في "رأيه"(كما قال الحافظ في التقريب نقلا عن ابن سعد). أرجو تحقيق تلك الكلمة بشكل دقيق جدا فإنها مهمة للغاية. وأرجو بيان مرتبة الحارث الأعور في الحديث, وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه الأخ السائل أن مركز الفتوى خصص للفتوى، وما أكثر الفتاوى التي ينتظرها السائلون، وليس من أعمال المركز القيام بالأبحاث وإن كانت لها فائدة علمية، لذا نرجو من الأخ أن يعذرنا إن لم نجب عن أسئلة من هذا النوع.
وأما السؤال الذي بين أيدينا، فقد رأينا الإجابة عنه ونعتذر عن أمثاله فيما يستقبل فنقول:
الحارث بن عبد الله الأعور: الراجح فيه أنه ضعيف في الحديث، وهو ما عليه جمهور النقاد من المحدثين، قال الذهبي في "الميزان": والجمهور على توهين أمره، مع روايتهم لحديثه في الأبواب.
وقد كذبه عامر الشعبي، لكن حمله بعض المحدثين على أنه كذّبَه من جهة رأيه واعتقاده، لا أنه يتعمد الكذب في الحديث، وهو ما اختاره ابن حجر في التقريب.
فقد قيل للحافظ أحمد بن صالح المصري -بعد ثنائه على الحارث- قال: الشعبي: "كان يكذب" قال: لم يكن يكذب في الحديث، إنما كذبه في رأيه.
وقال ابن عبد البر: وأظن الشعبي عوقب بقول إبراهيم فيه كذاب، لقوله في الحارث: كذاب، ولم يبن من الحارث كذب، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله له على غيره، ومن هاهنا -والله أعلم- كذبه الشعبي، لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر، وإلى أنه أول من أسلم.
وعلى قول الجمهور من النقاد جاء قول ابن سعد في الطبقات: كان له قول سوء، وهو ضعيف في روايته.
ونقل الحافظ ابن حجر في تهذيبه عبارة ابن سعد، إلا أنه جاء فيها: "في رأيه" بدلا من "في روايته" والذي يظهر لنا أن ما في "التهذيب" تصحيف عما في "الطبقات" لما عرف عن طبعة "التهذيب" من كثرة التصحيف.
كما أنه لو صحت عبارة التهذيب لكان فيها تكرار، إذ جملة: "له قول سوء" في معنى الجملة التي بعدها: "ضعيف في رأيه" وحمل الجملة الثانية على التأسيس –أي تأسيس معنى جديد- كما في الطبقات أولى من حملها على التوكيد.
ملاحظة: ورد في السؤال: "كما قال الحافظ في التقريب نقلا عن ابن سعد" والصواب: "التهذيب" وليس "التقريب".
والله أعلم.