السؤال
زوجي فلاح، وعندما يحلب ليلا، يترك الحليب إلى اليوم الموالي؛ ليباع. فأقوم بنقص شيء من الطبقة الأولى من الحليب -الفرارة- لصنع زبدة.
هل هذا حرام؟
من فضلكم، أجيبوني.
زوجي فلاح، وعندما يحلب ليلا، يترك الحليب إلى اليوم الموالي؛ ليباع. فأقوم بنقص شيء من الطبقة الأولى من الحليب -الفرارة- لصنع زبدة.
هل هذا حرام؟
من فضلكم، أجيبوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان بيع اللبن منقوص الرغوة، أو الزبد، أو الدسم، يعتبر عيبا ونقصا في اللبن، ولم يُبيّن ذلك للمشتري.
فهذا من الغش محرم. وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. أخرجه مسلم. وفي صحيح ابن حبان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار.
قال ابن علان -الشافعي- في دليل الفالحين: (من غشنا فليس منا) المراد بالغش هنا، كتم عيب المبيع أو الثمن.
والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن، الذي يريد بدله فيه. اهـ.
وإذا تقرر هذا: فإن كان الزبد مرغوبا ومؤثرا لدى الناس، وزوجك لا يبين للمشترين أن اللبن منقوص الزبد، فلا يجوز إنقاصه. لما في ذلك من إعانة زوجك على الغش، ومن القواعد المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
قال ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان.
ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها وآكل ثمنها. وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
وحتى لو قيل بكون الزبد لا يؤثر في قيمة اللبن، ولا يعتبر بيع اللبن دونه غشا للمشتري، فليس لك أخذ تلك ( الفرارة) إن لم يأذن لك بذلك زوجك -نصا أو عرفا-، ففي الحديث عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع يقول: لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها، قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا. أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن.
قال النووي في شرح مسلم: ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح، ولا معروف من العرف، فلا أجر لها، بل عليها وزر. اهـ.
وأما إن كان زوجك يبيّن حقيقة نقص اللبن للمشترين، ويأذن لك، فلا إثم عليك في إنقاص الزبد.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني