السؤال
أعمل في وظيفة في شركة استيراد وتصدير.
تم الاتفاق في أول التوظيف على أن يكون الراتب بالجنيه، كالمعتاد في معظم الشركات. ولكن بعد التغير الكبير في الأسعار، ولحماية الشركة لموظفيها من تقلبات الأسعار، تم الاتفاق على أنه سيتم تغيير الراتب برقم ثابت بالدولار. على أن يتم صرف الراتب بالجنيه، بما يعادل رقم الدولار، حسب سعر صرف البنك المركزي.
اتفقنا على تسليم ما يعادل الراتب بالدولار، بسعر الصرف الرسمي بالبنك. لكن ما حدث أنه تم محاسبة الجميع في 31 أكتوبر، بسعر21.50. وهذا غير سعر البنك، حيث إن سعر البنك المركزي الرسمي هو: 24.07.
وتم محاسبه الجميع في 30 نوفمبر، بسعر 22.5. وهذا غير سعر البنك، حيث إن سعر البنك المركزي الرسمي هو: 24.52.
وعند الاستفسار من الإدارة عن السبب في عدم الالتزام بالاتفاق. تم الرد بأنه لظروف السوق، لا بد أن نتحمل الخسارة مع الشركة.
فما الحكم في ذلك، حيث إنني أرى أنه تم ظلمنا في تقليل الرواتب بدون وجه حق، وعدم الالتزام بالاتفاق؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم التعاقد على الأجرة بالدولار، فإنها تثبت به، ويكون حكمها عند استحقاقها، حكم الدين الثابت في ذمة المؤجر، من حيث كون الأصل أن تدفع بالدولار، لا بغيره من العملات. ثم يجوز عند استلامها -لا عند التعاقد نفسه- أن يتفق الطرفان (المؤجر والأجير) على سدادها بعملة أخرى بسعر يومها.
وهذا خلاف ما حصل مع شركة السائل، حيث اتفقوا من البداية على السداد بعملة أخرى، باعتبار سعر الصرف في البنك المركزي.
وهذا لا يصح؛ لكونه صرفا مؤجلا.
وكان البديل عن ذلك هو أن يراعى التضخم الحاصل في العملة المحلية، ومصلحة الموظفين بتعديل الراتب دوريا بحسب تغير قيمة العملة، وهو ما يسمى بالربط القياسي للأجور.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بموضوع: (قضايا العملة):
1- يجوز أن تتضمن أنظمة العمل واللوائح والترتيبات الخاصة بعقود العمل التي تتحدد فيها الأجور بالنقود - شرط الربط القياسي للأجور، على ألا ينشأ عن ذلك ضرر للاقتصاد العام.
والمقصود هنا بالربط القياسي للأجور: تعديل الأجور بصورة دورية تبعاً للتغير في مستوى الأسعار، وفقاً لما تقدره جهة الخبرة والاختصاص. والغرض من هذا التعديل حماية الأجر النقدي للعاملين من انخفاض القدرة الشرائية لمقدار الأجر بفعل التضخم النقدي، وما ينتج عنه من الارتفاع المتزايد في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات. وذلك لأن الأصل في الشروط الجواز، إلا الشرط الذي يحل حراماً، أو يحرم حلالاً ..
2- يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد -لا قبله- على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين، إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة، الاتفاق يوم سداد أي قسط أيضاً على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم.
ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة، في الذمة ..
...
4- الدين الحاصل بعملة معينة، لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب، أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب، أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها. اهـ.
وعلى ذلك؛ فالعقد يصح بالأجرة المعلومة المتفق عليها برقم ثابت بالدولار - كما ذكر السائل- وأما الاتفاق على صرف ذلك بقيمته من العملة المحلية، فلا يصح. وتبقى الأجرة في ذمة الشركة كما هي بالدولار.
وإذا حصل في ذلك خصومة أو ضرر على أحد الطرفين، فسبيل ذلك هو رفع الأمر للقضاء وجهة الاختصاص للحكم فيها.
والله أعلم.