السؤال
قلتم في الفتوى رقم: 32569، بأنه لا يجوز تحديد وقتٍ لزيارة القبور، وأن هذا من المحدثات، فأشكل علي حديث عائشة، عند مسلمٍ، أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخرج إلى البقيع من آخر الليل ـ الحديث، فهذا فيه تحديد عدد أيامٍ معينةٍ، وهي تسعة، أو ثمانية أيامٍ، وفيه تحديد جزءٍ من اليوم، وهو آخر الليل، ألا يصلح هذا أن يكون دليلاً على الجواز؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة القبور مشروعةٌ في كل الأوقات، لا تختص بوقتٍ دون آخر، وليس في الحديث ما يدل على استحباب تخصيص زيارتها بالثلث الأخير من الليل، أو كل ثمانية، أو تسعة أيامٍ، لأن الأحاديث التي ورد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فيها البقيع كثيرةٌ، وفي أوقاتٍ مختلفةٍ، فقد زارها نهاراً، كما زارها ليلاً، وزارها ومعه الواحد، والاثنان من أصحابه، كما زارها ومعه الجماعة، فلا تقتصر أحاديث زيارة القبور على حديث عائشة، حتى يقال بتخصيص استحباب زيارتها بالليل، ولم يذكر شراح الحديث والفقهاء ــ فيما وقفنا عليه ــ أن لزيارة المقبرة بالليل مزيد فضلٍ على زيارتها بالنهار، بل قال بعض العلماء إن الأولى زيارتها نهاراً، لا ليلاً، لما في الليل من الوحشة، كما قاله المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير، وقال أيضا في فيض القدير: لما في الليل من مزيد الاستيحاش، ولعل هذا لغير الكاملين، أما من أنسه ليس إلا بالله، ووحشته ليست إلا من الناس، فهما في حقه سيان، بشهادة خروج المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى البقيع ليلاً يستغفر لأهله. اهــ.
والله أعلم.