السؤال
هناك قاعدة فقهية تشير إلى أن من استعجل الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه. لكن ماذا لو استعجل المرء الشيء قبل أوانه ثم تاب، أيعاقب بالحرمان؟ فمثلاً من أتلف النصاب تهرباً من الزكاة، ثم تاب، هل يعفى من الزكاة؟
وهل الكلام الذي قاله ابن تيمية تحت عنوان: "فصل فيمن أوقع العقود المحرمة، ثم تاب" يندرج تحت صور القاعدة كلها؟ أي قاعدة "من استعجل الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه"؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تعمد إنقاص النصاب قبل حلول الزكاة، فرارا منها. فإن العلماء اختلفوا في إسقاط الزكاة عنه.
جاء في الموسوعة الفقهية: مَنْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ قَصْدًا لِلتَّنْقِيصِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ، لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَ الإْمَامِ مَالِكٍ وَالْحَنَابِلَةِ، وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْل إِذَا كَانَ إِبْدَالُهُ أَوْ إِتْلاَفُهُ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ. وَلَوْ فَعَل ذَلِكَ فِي أَوَّل الْحَوْل لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ؛ لأِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَظِنَّةٍ لِلْفِرَارِ. وَبِهِ قَال الأْوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ؛ لأِنَّهُ نَقَصَ قَبْل تَمَامِ الْحَوْل، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ لِحَاجَتِهِ. اهــ.
والقائلون بأنها لا تسقط، لم يقيدوه بعدم توبته، بل يجب عليه أن يخرج الزكاة ولو تاب، ولا علاقة للقاعدة المذكورة بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حين سئل عمَنْ أَوْقَعَ الْعُقُودَ الْمُحَرَّمَةَ، ثُمَّ تَابَ.
والله أعلم.