السؤال
أعلم أني أُكثر من الأسئلة، ولكن هذا لثقتي بموقعكم الحمد لله، وأتمنى أن لا يكون هناك إزعاج.
سؤالي عن الفتن: هناك فتن كثيرة من شهوات وشبهات، ونساء وأموال. وغفلتنا عظيمة في هذه الدنيا.
كيف نعمل لآخرتنا وننسى الدنيا؟ كيف السبيل للخروج منها، وإخراجها من قلوبنا؟ وكيف تكون النجاة من الفتن؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك ثقتك بموقعنا، ثم اعلم أن التغلب على هذه الفتن، وتعليق القلب بالآخرة، وصرفه عن الدنيا وشهواتها، له أسباب.
فمنها: معرفة حقارة الدنيا وسرعة فنائها، وقلة وفائها، وخسة شركائها. فيتأمل المؤمن ما ضربه الله لها من الأمثال، فيوقن يقينا جازما أنها عرض زائل، وعارية مستردة، فلا تستحق أن ينافس فيها، ويقاتل عليها ويعمل لها.
ومنها: العلم بشرف الآخرة، وخطر ما أعده الله فيها من الكرامة لعباده المتقين الذين أعرضوا عن الدنيا، وجعلوها وراءهم ظهريا، وأخذوا منها بلاغهم.
فمن قرأ أوصاف الجنة ونعيمها وقرة عيون أهلها، ضن بهذا النعيم المقيم أن يبيعه بثمن بخس لا يساوي شيئا، بل إنه يعمل دائبا لتحصيل تلك اللذات ونيل تلك الكمالات.
ومنها: الاجتهاد في تعلم العلم الشرعي الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه هو المبصر بالفتن وكيفية التعامل معها، فإن الفتن تقبل فيعرفها العلماء، ويستوي الناس في العلم بها بعد إدبارها.
وبالعلم يزكو القلب وينشرح الصدر، وتطمئن النفس، ويعرف قدر الدنيا والآخرة؛ فيعمل لكل واحدة بحسبها.
ومنها: مصاحبة الصالحين الأخيار الذين يزهدون في الفانية، ويرغبون في الباقية، ففي صحبتهم تذكير للناسي، وتنبيه للغافل، وتعليم للجاهل.
ومنها: لزوم الذكر والدعاء، ودوام التضرع والابتهال إلى الله -تعالى- أن يصلح القلب، ويجنبه سبل الفساد، وذلك أن القلوب بين إصبعين من أصابعه -سبحانه- يقلبها كيف يشاء.
والله أعلم.