السؤال
كنت في سن العاشرة تقريبًا أشارك أصدقائي بطيور نحتفظ بها في بيت أحدهم، ثم أتانا صبي من منطقة أخرى، فأخبرنا عن مكان فيه طيور ويخطط لسرقته؛ وأرانا المكان، ولم نسرق، وعاد أصدقائي في اليوم الثاني وسرقوا، ووضعوا الطيور في المكان الذي نضع فيه طيورنا، ولم أذهب معهم.
وعندما علمت أنهم سرقوا، رافقتهم لبيع المسروق، ولم أنل منه شيئًا لنفسي، وقام الشخص الذي تمت سرقة طيوره برفع دعوى قضائية، ومثل الجميع أمام المحكمة لمدة عامين، أو أكثر، ولم نعترف بالسرقة.
وأريد تبرئة ذمتي من حق ذاك الشخص، لكنني أخشى أن يستأنف القضية، فماذا يترتب عليّ الآن؟ وما الفعل المناسب لكيلا يكون له عندي شيء إذا نزلت القبر، وبعثت يوم القيامة؟ وهل يكفي أن أحاول البحث عن هاتفه، وإخباره على الهاتف أن له عندي مظلمة دون ذكرها، وأريد إرسال مال له ليسامحني؟ وكيف أقدِّر مظلمته؟ فثمن الطيور لا يتجاوز 10 دولارات، وحضوره للمحكمة لم يتجاوز العشر مرات؟ بوركتم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تأمر أصدقاءك بالتوبة من السرقة، وردّ الحقّ لصاحبه، أو استحلاله منه.
وإذا امتنعوا، فقد كان عليك أن تشهد في المحكمة شهادة حقّ، ولا تكتم شهادتك، فتضيع على الرجل حقّه.
وقد نصّ بعض أهل العلم على أنّ من كتم شهادة، فأضاع بكتمانها الحق على صاحبه، أنّه ضامن لهذا الحق، فقد جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ لِغَيْرِهِ بِيَدِهِ، كَمِنْ مُحَارَبٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا، أَوْ شَهَادَتِهِ لِرَبِّهِ عَلَى جَاحِدٍ، أَوْ وَاضِعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ، أَوْ إيدَاعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَالِكِهِ، وَكَتْمِ الشَّهَادَةِ، أَوْ إعْلَامِ رَبِّهِ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ؛ حَتَّى تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْمَالِ بِكُلِّ وَجْهٍ، ضَمِنَ. انتهى.
وعليه؛ فالذي عليك أن تنصح أصدقائك بالتوبة إلى الله تعالى، وردّ الحقّ لصاحبه، أو التحلل منه، فإن فعلوا ذلك؛ فلا يلزمك رد شيء للرجل.
وإن لم يفعلوا؛ فإمّا أن تشهد عليهم بما علمته من السرقة، وإمّا أن تخبر الرجل بالسرقة، وتستحله من كتمك الشهادة، ولا يكفي أن تطلب منه المسامحة عمومًا، وراجع الفتوى: 391468.
والله أعلم.