السؤال
جزاكم الله عنا كل خير. سؤالي من فضلكم هو: كان لوالدتي ميراث من والدها، وهو عبارة عن قطعة أرض – دخلت كردون المباني – ولم يعطها خالي الفرصة للاختيار، بل قدرلها مبلغا زهيدا – لا يقدر بعشر ثمن هذه الأرض – ولم تناقش هي خالي في ذلك – رغم أن حاله متيسر جدا- ورغم احتياجنا الشديد – أنا وإخوتي – لثمن الأرض أو لقطعة الأرض نفسها؛ كي نبيعها بسعر السوق. وحينما أعطاها خالي بعد سنوات جزءا من ذلك المبلغ الزهيد، عرضت عليَّ – وأنا ابنها الأكبر – أن آخذ نصيبي من المبلغ فرفضت، ثم توفيت أمي، وأوصت إخوتي بأن يظل المبلغ عندي حتي يكمل خالي المبلغ، فرفضت، وأخبرتهم أني لا أريد نصيبي من هذا المبلغ.
علما بأني في بداية حياتي وفقني الله إلى تجهيز أخواتي البنات الثلاثة، وسددت ديون والدي الذي توفي، وأنا في فترة التجنيد، وأنا الآن خرجت معاشا مبكرا، وعندي خمسة أبناء، ولا يكفيني المعاش لمدة أسبوع.
السؤال:
1-هل في رفضي لأخذ نصيبي من ميراث أمي عقوقا لها بعد موتها؟
2-هل في ذلك الأمر معصية لرفضي أخذ نصيبي من الميراث الذي شرعه الله سبحانه وتعالى؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلم أن الميراث يدخل في ملك الوارث قهرا بدون رضاه، ولو أن الوارث أبى أن يستلم نصيبه، فإن نصيبه يبقى ملكا له، ولو مات فإن نصيبه يقسم بين ورثته؛ لأنه ملك له، وإن أبى أخذه.
جاء في الموسوعة الفقهية: الملك قسمان: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْصُل قَهْرًا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ. اهـ.
وجاء فيها أيضا: الأْصْل فِي التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارُ، فَلاَ يَدْخُل فِي مِلْكِ إِنْسَانٍ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا بَعْضَ حَالاَتٍ، يَتَمَلَّكُ الإْنْسَانُ فِيهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ؛ لأَنَّ طَبِيعَةَ السَّبَبِ تَقْتَضِي حُدُوثَ الْمِلْكِ تِلْقَائِيًّا، مِنْهَا: الإْرْثُ فَيَتَمَلَّكُ الْوَارِثُ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِ تَمَلُّكًا قَهْرِيًّا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ. اهـ.
ولكن يجوز للبالغ الرشيد أن يتنازل عن نصيبه من الميراث لمن شاء، ولا إثم عليه في ذلك، ما دام أنه لا يضيع بتنازله هذا نفقةً واجبةً عليه، فالتنازل عن النصيب شيء، ورفض استلامه شيء آخر.
ولا يمكننا الحكم على ما جرى بين والدتك وإخوانها، ولكن نقول: لا يجوز للذكور من الورثة أن يحرموا الإناث من نصيبهن، ولا أن يلزموهن بأخذ عوضٍ عنه، ولو كان العوض عادلا، فضلا لو كان زهيدا، ولا أن يلزموهن بأخذ شيء معين من التركة دون شيء آخر، وإذا فعل الذكور ذلك، فإن للإناث الحق في رفع الأمر للمحكمة الشرعية لرفع الظلم عنهن.
والله تعالى أعلم.