الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلم أن الميراث يدخل في ملك الوارث قهرا بدون رضاه، ولو أن الوارث أبى أن يستلم نصيبه، فإن نصيبه يبقى ملكا له، ولو مات فإن نصيبه يقسم بين ورثته؛ لأنه ملك له، وإن أبى أخذه.
جاء في الموسوعة الفقهية: الملك قسمان: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْصُل قَهْرًا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ. اهـ.
وجاء فيها أيضا: الأْصْل فِي التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارُ، فَلاَ يَدْخُل فِي مِلْكِ إِنْسَانٍ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا بَعْضَ حَالاَتٍ، يَتَمَلَّكُ الإْنْسَانُ فِيهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ؛ لأَنَّ طَبِيعَةَ السَّبَبِ تَقْتَضِي حُدُوثَ الْمِلْكِ تِلْقَائِيًّا، مِنْهَا: الإْرْثُ فَيَتَمَلَّكُ الْوَارِثُ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِ تَمَلُّكًا قَهْرِيًّا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ. اهـ.
ولكن يجوز للبالغ الرشيد أن يتنازل عن نصيبه من الميراث لمن شاء، ولا إثم عليه في ذلك، ما دام أنه لا يضيع بتنازله هذا نفقةً واجبةً عليه، فالتنازل عن النصيب شيء، ورفض استلامه شيء آخر.
ولا يمكننا الحكم على ما جرى بين والدتك وإخوانها، ولكن نقول: لا يجوز للذكور من الورثة أن يحرموا الإناث من نصيبهن، ولا أن يلزموهن بأخذ عوضٍ عنه، ولو كان العوض عادلا، فضلا لو كان زهيدا، ولا أن يلزموهن بأخذ شيء معين من التركة دون شيء آخر، وإذا فعل الذكور ذلك، فإن للإناث الحق في رفع الأمر للمحكمة الشرعية لرفع الظلم عنهن.
والله تعالى أعلم.