السؤال
صرت مؤخرًا مهووسة بالخوف من السحر كثيرًا، ولا أستطيع أن أنام الليل، وأحس بخوف مريب أن حياتي لن تكون لها معنى، وصار هوسًا يعيق استمتاعي بالحياة، وذلك بعد حديث دار بيني وبين صديقتي التي اكتشفت أن أباها يقوم بالسحر الشرير لها ولأمها وبعض أقربائهم، وقد أهداني شخص لا أعرفه -يظهر أنه على قدر من التدين- صابون مسك، داعيًا بالهداية، وقبلته خجلًا، ولكني صرت مهووسة من هذا المسك أيضًا، ماذا لو كان فيه سحر؟ وان رميته وتخلصت منه فهل ينتهي مفعوله؟ كيف أعلم أني مسحورة؟ فحتى ضيق الصدر الآن سببه هوسي من كوني مسحورة، وليس بلا سبب.
وفيما يخص الرقية: هل هي للوقاية، أو للعلاج، أو لهما؟ وهل أستطيع أن أقوم برقية نفسي؟ لأني حقيقة لا أثق في أحد، فكل الذين يرقون هنا بالنقود، وأخاف الدجل والدخول في وسواس السحر أكثر.
وهناك قط صغير قد أتى الى منزلنا وما كانت تأتي القطط إلا بعد موت كلبنا المخصص للحراسة هذه الأيام، وهو جميل وصغير، وعمره لا يتجاوز الشهرين، لكنه كثير المواء لدرجة الإزعاج أحيانًا، ونحن نطعمه ونعتني به في الحديقة، وكلما أردنا الاقتراب منه يهرب خوفًا، أو يقترب ثم يخاف ويهرب، وعادة لا أحب الحيوانات، وبعد هلوستي بحديث السحر صرت أخاف أن يكون هذا القط الصغير غير طبيعي، ويريد بنا شرًّا، وقد حدثتني أمي أنه بالأمس دخل إلى الدار، واختبأ فيها، ولم نفطن له إلا بعد سماع صوته، فكيف أعلم أني بخير، وليس بي مكروه، وأن هذا مجرد هوس؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تشعرين به أقرب إلى الوسوسة، وسببه ما ذكرت مما حدثت به عن السحر.
وعلى كل؛ فعليك باللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء، مع دوام المواظبة على الطاعات، والابتعاد عن المعاصي، مع الإكثار من قراءة القرآن، ولا سيما سورة البقرة، فإن لم تقرئيها، فأكثري من قراءة آية الكرسي عند النوم، وحال اليقظة.
كما يمكنك أن ترقي نفسك، وقد ذكرنا الآيات والأدعية التي تقال في الرقية في الفتوى رقم: 13277، فراجعيها.
وننصحك مع ذلك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمداومة على ذكر الله تعالى كثيرًا, قال عز وجل: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41]، وقال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم [البقرة:152]، فأهم ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه ويعالج به بعد وقوعه، هو ملازمة الأذكار الشرعية، والدعوات، والتعوذات المأثورة، فهي للوقاية وللعلاج معًا.
وننبه هنا على أنه لا يجوز لأحد أن يتهم أحدًا بالسحر، إلا ببينة.
والاتهام بالسحر، أمر خطير، لا يكفي فيه مجرد الشك، والشيطان حريص على أن يشكك بعض الناس في بعض؛ ليفسد ذات بينهم.
ومن أهداك الصابون قد ذكرت أنه على قدر من التدين، وليس هنالك ما يدعو لاتهامه، ثم إنه على فرض معرفة كون الصابون، أو غيره به سحر، فلا يكفي رميه، وقد ذكرنا -سابقا- أن إتلاف السحر يحتاج لذوي الاختصاص، كما في الفتوى رقم: 21102.
ولمعرفة حقيقة الوسواس القهري وكيفية علاجه، انظري الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.