السؤال
قلتم في الفتوى: 37180 عن قصة سؤال عمر للملكين: فلا نعلم لهذا القول أثرًا من صحة، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه جليل القدر، كبير الشأن في الإسلام، فهو وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وثاني خلفائه بعد موته، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، إلى غير ذلك من فضائله -رضي الله عنه وأرضاه-، ولكن هذا لا يدعونا إلى أن نغلو فيه، فنقول عن الشرع ما لم يقله، وأخبار الغيب لا تتلقى إلا من الوحي.ووجدت هذا في ملتقى أهل الحديث: رواه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية عن عطاء بن يسار، وقال: رجاله ثقات مع إرساله. ورواه ابن عبد البر في التمهيد عن عطاء بن يسار أيضًا، وأخرجه السيوطي في شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور عن عطاء بن يسار، وقال: وأخرج أبو نعيم، وابن أبي الدنيا، والآجري في الشريعة، والبيهقي وقال: مرسل رجاله ثقات.ورواه في مسند الحارث زوائد الهيثمي عن عطاء بن يسار.وأخرجه الغزالي في إحياء علوم الدين عن عطاء بن يسار، وقال: أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور هكذا مرسلًا، ورجاله ثقات، قال البيهقي في الاعتقاد: رويناه من وجه صحيح عن عطاء بن يسار مرسلًا، قلت: ووصله ابن بطة في الإبانة من حديث ابن عباس. ورواه البيهقي في الاعتقاد من حديث عمر، وقال: غريب بهذا الإسناد، تفرد به مفضل.ورواه البيهقي في كتاب الاعتقاد, وكتاب إثبات عذاب القبر عن عمر بن الخطاب مرفوعًا. ورواه الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة عن عمر بن الخطاب مرفوعًا. ورواها عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن الخطاب مرفوعًا. وخرجه المتقي الهندي في كنز العمال عن عمر بن الخطاب مرفوعًا، وقال: رواه ابن أبي داود في البعث، ورسته في الإيمان، وأبو الشيخ في السنة، والحاكم في الكنى، وابن زنجويه في كتاب الوجل م في تاريخه ق في كتاب عذاب القبر، والأصبهاني في الحجة.وأخرجه السيوطي في تفسيره: الدر المنثور بالتفسير بالمأثور، عن عمر بن الخطاب مرفوعًا، وقال: وأخرج ابن أبي داود في البعث، والحاكم في التاريخ، والبيهقي في عذاب القبر.وهذا في موقع الإسلام سؤال وجواب: وقال الأستاذ فريح بن صالح البهلال في تحقيق "الاعتقاد" للبيهقي، (ص 254) بعد أن أشار إلى الطرق الضعيفة: ولعله بهذه الطرق والشواهد يكون إسناده حسنًا. فما هو القول الفصل الحق في هذا الحديث؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فان الفتوى رقم: 37180. كانت جوابًا لقول السائل: (قال لي أحد أصدقائي عن شيء أردت التأكد من صحته: إن عمر بن الخطاب في القبر هو الذي سوف يسأل الملكين: من ربكما؟ وما دينكما؟... إلخ، بدل أن يسألاه هما)، وما يحكى من سؤال عمر للملكين من ربكما ... لم يأت في الكتب التي ذكرت، وإنما ورد في كتاب التبصير لعبد الواحد المقدسي، وقد نقله عنه بدون إسناد محب الدين الطبري في كتابه: الرياض النضرة في مناقب العشرة، فقال: وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وضع الرجل في قبره أتاه منكر ونكير، وهما ملكان فظان غليظان أسودان أزرقان, ألوانهما كالليل الدامس, أصواتهما كالرعد القاصف, عيونهما كالشهب الثواقب, أسنانهما كالرماح، يسحبان بشعورهما على الأرض, بيد كل واحد منهما مطرقة، لو اجتمع الثقلان الجن والإنس لم يقدروا على حملها, يسألان الرجل عن ربه، وعن نبيه، وعن دينه"، فقال عمر بن الخطاب: أيأتيانني وأنا ثابت كما أنا? قال: "نعم" قال: فسأكفيكهما -يا رسول الله-، فقال صلى الله عليه وسلم: "والذي بعثني بالحق نبيًّا, لقد أخبرني جبريل أنهما يأتيانك، فتقول أنت: الله ربي، فمن ربكما? ومحمد نبيي، فمن نبيكما? والإسلام ديني، فما دينكما? فيقولان: وا عجباه!! ما ندري نحن أرسلنا إليك, أم أنت أرسلت إلينا? خرجه عبد الواحد بن محمد بن علي المقدسي في كتابه التبصير, وخرج الحافظ أبو عبد الله القاسم الثقفي عن جابر من أوله إلى ذكر السؤال، وقال: فقال عمر: يا رسول الله، أية حال أنا يومئذ? قال: "على حالك" قال: إذن أكفيكهما، ولم يذكر ما بعده. وخرج سعيد بن منصور معناه، ولفظه: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أنا محمد بن علوان بن علقمة، قال: حدثني أصحابنا، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "كيف بك إذا جاءك منكر ونكير يسألانك؟ صوتهما مثل الرعد القاصم، وأبصارهما مثل البرق الخاطف, يطئان في أشعارهما، ويبحثان بأنيابهما"، فقال: يا رسول الله, أنبعث على ما متنا عليه? قال: "نعم, إن شاء الله تعالى" قال: إذن أكفيكهما. اهـ.
وورود القصة بدون إسناد كاف في ضعفها، وأما الحديث الذي ورد في وصف الملكين إلى قول عمر: "أكفيكهما"، فهو الذي تكلم عليه العراقي، فقال في المغني عن حمل الأسفار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "يا عمر، كيف بك إذا أنت مت، فانطلق بك قومك، فقاسوا لك ثلاثة أذرع في ذراع وشبر، ثم رجعوا إليك فغسلوك، وكفنوك، وحنطوك، ثم احتملوك حتى يضعوك فيه، ثم يهيلوا عليك التراب، ويدفنوك، فإذا انصرفوا عنك أتاك فتانا القبر منكر ونكير، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، يجران أشعارهما، ويبحثان القبر بأنيابهما، فتلتلاك وترتراك، كيف بك عند ذلك -يا عمر-؟ فقال عمر: ويكون معي مثل عقلي الآن؟ قال: «نعم»، قال: «إذن أكفيكهما».
قال العراقي : أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور هكذا مرسلًا، ورجاله ثقات، قال البيهقي في الاعتقاد: رويناه من وجه صحيح عن عطاء بن يسار مرسلًا، قلت: ووصله ابن بطة في الإبانة من حديث ابن عباس، ورواه البيهقي في الاعتقاد من حديث عمر، وقال: غريب بهذا الإسناد، تفرد به مفضل، ولأحمد، وابن حبان من حديث عبد الله بن عمر اهـ.
والله أعلم.