السؤال
ما هي مصادر تمويل الدولة، أقصد كيف تملأ الدولة خزائنها بالمال؟ وهل يمكن أن يلزم ممن عمله قائم على بذل العرق أمثال التجار والأطباء أن يلزم بدفع نسبة من أموالهم إلى ممن عمله قائم على بذل الدم أمثال الجيش والساسة، تحت قاعدة العرق مقابل الدم، أقصد المال مقابل الحماية والسياسة، ويكون ذلك تحت إشراف الدولة، ويكون ذلك من مصادر تمويلها؟ وما الدليل على أنه يمكن للدولة أخذ الضريبة أو المكس من الرعية لصرفه في المنافع العامة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموارد بيت مال المسلمين: كثيرة ومتنوعة، قديما وحديثا، ومن جملة ذلك: الموارد الطبيعية الحديثة التي تكتشف في أراضي الدولة كالنفط ، والغاز ، وأنواع المعادن من ذهب ونحاس وحديد وغيرها، وكذلك ما يفرض من الضرائب على مواطني الدولة لمصلحتهم، إذا لم يكن في بيت المال ما يكفي لسد الحاجات العامة والمصالح الضرورية للرعية، ومن الموارد كذلك الزكاة بأنواعها، وخُمس الخارج من الأرض من المعادن ، من الذهب ، والفضة ، والحديد ، وغيرها ،
ومن الموارد غلاَّت أراضي بيت المال ، وأملاكه ، ونتاج المتاجرة بها .
وراجع تعداد هذه الموارد في مظانها في كتب الفقه؛ كالموسوعة الفقهية الكويتية تحت عنوان موارد بيت المال في المجلد الثامن.
وأما التأصيل لمشروعية الضرائب وفق الضوابط التي ذكرها القائلون بجواز أخذها. فمنها ما ذكره الشاطبي في الاعتصام إذ قال: "إنا إذا قررنا إماما مطاعا مفتقرا إلى تكثير الجنود لسد الثغور وحماية الملك المتسع الأقطار وخلا بيت المال وارتفعت حاجات الجند إلى ما لا يكفيهم فللإمام إذا كان عدلا أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال إلى أن يظهر مال بيت المال ثم إليه النظر في توظيف ذلك على الغلات والثمار وغير ذلك كيلا يؤدى تخصيص الناس به إلى إيحاش القلوب وذلك يقع قليلا من كثير بحيث لا يجحف بأحد ويحصل المقصود، وإنما لم ينقل مثل هذا عن الأولين لاتساع مال بيت المال في زمانهم بخلاف زماننا فإن القضية فيه أحرى ووجه المصلحة هنا ظاهر فإنه لو لم يفعل الإمام ذلك النظام بطلب شوكة الإمام وصارت ديارنا عرضة لاستيلاء الكفار وإنما نظام ذلك كله شوكة الإمام بعدله ، فالذين يحذرون من الدواهي لو تنقطع عنهم الشوكة يستحقرون بالإضافة إليها أموالهم كلها فضلا عن اليسير منها فإذا عورض هذا الضرر العظيم بالضرر اللاحق لهم بأخذ البعض من أموالهم فلا يتمارى في ترجيح الثاني عن الأول...إلى قوله: وَشَرْطُ جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُمْ عَدَالَةُ الْإِمَامِ، وَإِيقَاعُ التَّصَرُّفِ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ. انتهى منه بتصرف يسير، ويمكن الرجوع إليه لقراءة ما ذكر كاملا .
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 239587.
وهذه المسألة في الحقيقة ليس مجالها الفتاوى المختصرة بل مراكز البحث ومواقعه.
والله أعلم.