السؤال
ذكر الله عز وجل في سورة النساء (آية 23) بنات الأخ والأخت من المحارم، وفي سورة النور آية (31) لم يصرح الله عز وجل بذكر العم أو الخال مع الذين يجوز للمرأة أن تبدي لهم زينتها. فهل ضمَّن العم والخال في الأب مثلا؟ وكيف يمكن التوفيق بين الآيتين؟وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن العم والخال من المحارم في جواز النظر إلى ما يجوز لهم النظر إليه، وقد تقدم تفصيل ذلك الفتويين: 6230، 9417.
أما الجمع بين آية النساء وهي قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23]، وقوله تعالى في سورة النور: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، فهو أنه لا تعارض بين الآيتين، فآية النساء ذكرت المحرمات في النكاح، وآية النور ذكرت من يجوز للمرأة إبداء زينتها لهم، وإنما لم يذكر سبحانه العم والخال في آية النور، إما لأن العم والخال قد دخلا في قوله تعالى: (أو آبائهن)، فإنهما عند الناس بمنزلة الآباء، وكثيراً ما يطلق الأب على العم ومنه قوله تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ [البقرة: من الآية133]، وإسماعيل عم يعقوب، وقد سماه الله أباه.
وفي الحديث الذي رواه مسلم: عم الرجل صنو أبيه، وكذلك الخال يسمى أباً، وفي الحديث الذي رواه البخاري وأحمد: الخالة بمنزل الأم.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وإذا كانت الخالة أماً كان الخال أباً. وقد أشار إلى هذا الجمع الألوسي في روح المعاني: وإما: لأنه -سبحانه- اقتصر على الذين تكثر مزاولتهم بيت المرأة، فالتعداد جرى على الغالب. اهـ.
وقد أشار إلى هذا الجمع الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وإما: لأنه -سبحانه- قد ذكر بعض المحارم لينبه على الباقي، من باب ذكر البعض للتنبيه على الجملة، وإلى هذا الجمع أشار الفخر الرازي في كتابه التفسير الكبير: وإما: لهذه الأوجه كلها وغيرها مما لا يعلمه إلا الله. اهـ.
والله أعلم.