السؤال
من كان عنده مال أو ثروة يحبها فإنه يجتهد غاية الاجتهاد في المحافظة عليها من السرقة أو الضياع أو التلف، ويعمل بالليل والنهار على تنميتها بشتى الطرق والسبل ومضاعفتها لأقصى تضعيف مع حرصه البالغ على الإقلال من الخسائر ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وإنا لنرى أن الحسنات على قلتها هي أثمن وأحب وأغلى ما نملك، فكيف نحافظ عليها وننميها ونضاعفها بالليل والنهار لأقصى مدى، وعلى الجانب الآخر كيف نقلل من الذنوب إلى أقل ما يمكن فإن الأمر ـ والله العظيم ـ فصلوا لنا القول في ذلك للأهمية، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المقصد الشريف مما يجدر بكل مسلم أن يعنى به ويجمع همته عليه، وسبيل ذلك أن يحافظ على الفرائض محافظة تامة فلا يخل بشيء منها، ثم يلزم نفسه بما تيسر له من النوافل مما يطيق المحافظة عليه ويعلم من نفسه أنه يداوم عليه ولا يخل به، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فإذا اعتادت نفسه هذا القدر الذي ألزمها به من النوافل زادها شيئا فشيئا وحملها على طاعة الله بالتدريج، مجتهدا في مجاهدتها لتلزم جادة الصلاح والاستقامة، عالما أنه إذا حمل على نفسه في ميدان الطاعة حملة صادقة فسرعان ما تصير الطاعات لها هيئة راسخة وملكة ثابتة وصفة لازمة بحيث يأنس بها ويلتذ بفعلها، وانظر الفتوى رقم: 139680، وليبعدها عن المعاصي صغيرها والكبير، مستحضرا في ذلك اطلاع الله عليه وإحاطته به، وأنه لا تخفى عليه خافية من أمره، وليستعن على هذا المقصد الجليل بالترغيب والترهيب، فيذكر نفسه الجنة فتنشط للعمل، ويذكرها النار فتنفر من المعصية وتحيد عن طريقها، وليصحب أهل الخير والصلاح الذين تعينه صحبتهم على طاعة الله تعالى، وليس له على هذا الطريق أعون من اللياذ بالله تعالى واللجأ إليه ودوام التضرع له والذل والانكسار بين يديه، فليدعه سبحانه وليستعن به صادقا مخلصا على أن يهديه صراطه المستقيم، فإذا عمل العبد بهذا لم يكد يخيب سعيه، والله يوفقنا وسائر إخواننا لما فيه رضاه.
والله أعلم.