السؤال
لو استيقظت متأخرًا، وغلب على ظني انتهاء صلاة الجمعة في مساجد القرية التي أسكن بها -كما هو معتاد- فهل يجب عليّ البحث عن مسجد لكي أصلي الجمعة فيه مع غلبة الظن بعدم وجوده أم يجوز لي أن أصلي ظهرًا؟
لو استيقظت متأخرًا، وغلب على ظني انتهاء صلاة الجمعة في مساجد القرية التي أسكن بها -كما هو معتاد- فهل يجب عليّ البحث عن مسجد لكي أصلي الجمعة فيه مع غلبة الظن بعدم وجوده أم يجوز لي أن أصلي ظهرًا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلم أولًا أنه يجب على من تلزمه الجمعة أن يسعى إليها عند النداء؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة: 9}، فإن تأخر لعذر لم يأثم، وإن غلب على ظنه أنه لن يدرك الجمعة في أي مسجد، فله أن يصلي الظهر، وغلبة الظن تنزل منزلة اليقين؛ جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي -رحمه الله تعالى- فيمن غلب على ظنه أن أهل البلد لن يصلوا الجمعة، هل يصلي ظهرًا أول الوقت: لَا يَصِحُّ الظُّهْرُ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْهَا؛ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ، أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ أَقَلِّ وَاجِبٍ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ .... وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِ لَا يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ: صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ... اهـ.
وقالوا أيضًا: إنه لا يجوز السفر يوم الجمعة بعد الزوال إلا إذا غلب على ظنه أنه سيدركها في الطريق، فأنزلوا غلبة الظن هنا في الإدراك منزلة العلم واليقين؛ جاء في تحفة المحتاج: (وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ) الْجُمُعَةُ، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ كَمُقِيمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ (السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِدُخُولِ وَقْتِهَا (إلَّا أَنْ تُمْكِنَهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ: يَتَمَكَّنُ مِنْهَا بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُرَادُ الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ: يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ إدْرَاكَهَا إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ وَيُرِيدُونَ الظَّنَّ، كَقَوْلِهِمْ: يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ عِلْمِ رِضَاهُ، وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني