السؤال
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: والصواب أنه ينزل، ولا يخلو منه العرش"، فإن قلنا قول السلف: نزولًا حقيقيًّا، يليق بجلاله سبحانه، فهل قصد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن الله عز وجل محيط به العرش، أو أنه في حيّز العرش، أم إنه عال عن العرش بائن منه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن مع نزول الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، فلا يزال فوق العرش، أي لا يخلو منه العرش، وهو مع ذلك منزه عن إحاطة المخلوقات به، ويدخل في المخلوقات العرش، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: مذهب السلف والأئمة أنه مع نزوله إلى سماء الدنيا لا يزال فوق العرش، لا يكون تحت المخلوقات، ولا تكون المخلوقات محيطة به قط، بل هو العلي الأعلى: العلي في دنوه، القريب في علوه؛ ولهذا ذكر غير واحد إجماع السلف على أن الله ليس في جوف السماوات، ولكن طائفة من الناس قد يقولون: إنه ينزل ويكون العرش فوقه، ويقولون: إنه في جوف السماء، وإنه قد تحيط به المخلوقات وتكون أكبر منه، وهؤلاء ضلال جهال مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول، كما أن النفاة الذين يقولون: ليس داخل العالم ولا خارجه جهال ضلال مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول، فالحلولية، والمعطلة متقابلان. انتهى.
فما ذكرته من أن مقصود شيخ الإسلام أنه سبحانه وتعالى عالٍ على العرش بائن من خلقه، هو الصواب، فقد قال -رحمه الله-: وليس المراد بذلك أن السماء تحصر الرب، وتحويه كما تحوي الشمس، والقمر، وغيرهما، فإن هذا لا يقوله مسلم، ولا يعتقده عاقل، فقد قال سبحانه وتعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ {البقرة:255} والسموات في الكرسي كحلقة ملقاة في أرض فلاة، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة، والرب سبحانه فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وقال تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ {طه:71} وقال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ {التوبة:2} وقال: يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ {المائدة:26} وليس المراد أنهم في جوف النخل، وجوف الأرض، بل معنى ذلك أنه فوق السموات وعليها، بائن من المخلوقات، كما أخبر في كتابه عن نفسه أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 66332، ورقم: 311653.
والله أعلم.