السؤال
أنا امرأة متزوجة تعرفت على رجل عن طريق الأنترنت، وزوجي علم وسامحني، ولكنه قال لي إن حاولت كلامه ثانية فأنت محرمة علي، وهذا الرجل كان يحاول الحديث معي بأسماء أخرى غير اسمه، وكنت أتحدث إليه على أنه شخص آخر، وأنا أعلم أنه نفس الشخص، ثم قطعت علاقتي به، ثم بعد سنتين حدث بيننا شقاق وخلافات، وتعرفت على رجل آخر بالصدفة، وحاول الزنا معي، لكنني رفضت رفضا باتا فاستدرجني إلى سيارته ثم تعمد لمس مناطق من جسدي وتقبيلي، ولم أقاومه، وبعد ذلك احتقرت نفسي واحتقرته وقطعت العلاقه قبل أن تبدأ، فشعر زوجي بشيء، فأقسمت له بالله، ثم عرفت أنه يقوم باستئجار أشخاص من جهات أمنية للتصنت على مكالماتي، وهذا أساءني... وأحسست أن علاقتنا قد وصلت مرحلة لابد لها معها أن تنتهي... واحتقرته لأنه سمح لأشخاص بالتنصت على مكالماتي وأسراري، وطلبت منه الطلاق، لكنه يرفض بحجة المحافظة على البيت، ولدي شابان أحدهما يدرس بالخارج والآخر يدرس هنا بالجامعة، فهل أنا محرمة عليه بسبب قسمه علي وبسبب السماح لرجل آخر بلمس جسدي؟ وهل لذلك أصمم على طلب الطلاق؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة المرأة لرجال أجانب عنها أو إقامتها علاقة عاطفية معهم أمر منكر، كما بينا في الفتويين رقم: 21582، ورقم: 30003.
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح وعدم العود لمثل ذلك مستقبلا، خاصة وأنه قد وقع منك ذلك وأنت تحت زوج، فالإثم حينئذ أعظم، وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 29785. ولمزيد الفائدة نرجو أن تطالعي الفتوى رقم: 12928.
وإنك إذا استقمت كسبت رضا ربك ـ وهو الأهم ـ وحفظت شرفك وشرف عائلتك وزوجك، وفي هذا خير الدنيا والآخرة، وفي الاستمرار على الانحراف خسارة الدنيا والآخرة، وبتقواك لله عز وجل تحفظين أولادك ـ بإذن الله ـ من كل سوء ومكروه، قال تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا {النساء:9}.
قال محمد بن سيرين ـ وهو من أئمة التابعين ـ يخاطب ابنه: أي بني؛ إني أطيل في الصلاة رجاء أن أحفظ فيك ـ وتلا قوله تعالى: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا {الكهف:82}.
وما حصل من زوجك هو أنه علق تحريمك على محاولتك الكلام مع هذا الشخص مرة ثانية، فإن حدث الكلام معه على الوجه الذي قصده زوجك حرمت عليه، والراجح من أقوال الفقهاء أن تحريم الزوجة يرجع فيه إلى نية الزوج إن كان قد قصد به طلاقا أو ظهارا أو يمينا، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30708.
وإن ثبت أن زوجك قد دفع ببعض الأشخاص للتجسس على مكالماتك، فقد أساء بذلك وظلم، ولكن إحساسك بأن علاقتك معه قد انتهت نوع من تلبيس إبليس ليشتت شمل الأسرة، والحل عندك، فبالتوبة والاستقامة يمكنك أن تفوتي الفرصة على الشيطان، فلا يتحقق مطلبه، روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم، فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال ـ فيدنيه منه ويقول نعم أنت.
ولا يجوز لك طلب الطلاق لغير سبب مشروع، وقد ذكرنا مسوغات طلب الطلاق في الفتوى رقم: 37112.
وتصرفك مع الرجل الآخر أشد مما منعك منه زوجك من محاولة الكلام مع ذلك الشخص ثانية، وقد يدخل فيما عناه زوجك إن قصد منعك من إقامة علاقة مع أي رجل أجنبي وليس خصوص منعك من الكلام مع ذلك الشخص.
والله أعلم.