الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة المرأة لرجال أجانب عنها أو إقامتها علاقة عاطفية معهم أمر منكر، كما بينا في الفتويين رقم: 21582، ورقم: 30003.
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح وعدم العود لمثل ذلك مستقبلا، خاصة وأنه قد وقع منك ذلك وأنت تحت زوج، فالإثم حينئذ أعظم، وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 29785. ولمزيد الفائدة نرجو أن تطالعي الفتوى رقم: 12928.
وإنك إذا استقمت كسبت رضا ربك ـ وهو الأهم ـ وحفظت شرفك وشرف عائلتك وزوجك، وفي هذا خير الدنيا والآخرة، وفي الاستمرار على الانحراف خسارة الدنيا والآخرة، وبتقواك لله عز وجل تحفظين أولادك ـ بإذن الله ـ من كل سوء ومكروه، قال تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا {النساء:9}.
قال محمد بن سيرين ـ وهو من أئمة التابعين ـ يخاطب ابنه: أي بني؛ إني أطيل في الصلاة رجاء أن أحفظ فيك ـ وتلا قوله تعالى: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا {الكهف:82}.
وما حصل من زوجك هو أنه علق تحريمك على محاولتك الكلام مع هذا الشخص مرة ثانية، فإن حدث الكلام معه على الوجه الذي قصده زوجك حرمت عليه، والراجح من أقوال الفقهاء أن تحريم الزوجة يرجع فيه إلى نية الزوج إن كان قد قصد به طلاقا أو ظهارا أو يمينا، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30708.
وإن ثبت أن زوجك قد دفع ببعض الأشخاص للتجسس على مكالماتك، فقد أساء بذلك وظلم، ولكن إحساسك بأن علاقتك معه قد انتهت نوع من تلبيس إبليس ليشتت شمل الأسرة، والحل عندك، فبالتوبة والاستقامة يمكنك أن تفوتي الفرصة على الشيطان، فلا يتحقق مطلبه، روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم، فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال ـ فيدنيه منه ويقول نعم أنت.
ولا يجوز لك طلب الطلاق لغير سبب مشروع، وقد ذكرنا مسوغات طلب الطلاق في الفتوى رقم: 37112.
وتصرفك مع الرجل الآخر أشد مما منعك منه زوجك من محاولة الكلام مع ذلك الشخص ثانية، وقد يدخل فيما عناه زوجك إن قصد منعك من إقامة علاقة مع أي رجل أجنبي وليس خصوص منعك من الكلام مع ذلك الشخص.
والله أعلم.