السؤال
أبي مريض بشلل نتيجة جلطة، ومعه أمي وأختي في نفس المنزل الذي أعيش فيه، وأنا أرغب في الزواج للضرورة، ولا أجد من أمي تجاوبًا، مع إمكانية مساعدتها لي، وأجدهم متعنتين في شروط اختيار الزوجة، مع عدم رجاحة عقيدتهم ودينهم ليختاروا بشكل صحيح، فهل عليّ إثم إن تركت المنزل وتزوجت بدون علمهم مع سؤالي الدائم عنهم وعن أبي وتلبية احتياجاتهم قدر استطاعتي؟ وهل يجب عليّ الانتظار حتى يتعافى أبي؟ علمًا بأن الأمر قد يطول، خاصة أنه يبدو غير مقبل على الأخذ بأسباب الشفاء. وبقائي في المنزل يصعب عليّ لإصابتي بوسواس شديد، كما أخبرتكم في سابق أسئلتي، وحاجتي لتغيير البيئة التي أنا فيها، وعدم مناسبتهم لذلك، فأغلبهم غير ملتزمين، ولا يعينونني على الالتزام. فهل برفض أبي وأمي تركي للمنزل إن تركته يعتبر ذلك عقوقًا؟ علمًا بأني تحت ضغط نفسي شديد جدًّا لاستشراء الوسواس عندي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبناك من قبل عن نحو هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 249973.
ونضيف هنا: أن من الواجب عليك طاعة والديك في المعروف، وترك ما يحزنهما ويلحق الضرر بهما، ما لم يترتب على طاعتهما ضرر، كما نص على ذلك أهل العلم؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين. وهو ظاهر إطلاق أحمد. وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا. اهـ.
وما دام والدك مريضًا ومحتاجًا للرعاية فعليك أن تراعي حاله وتبالغ في العناية والاهتمام به، ولتتلطف بهما معًا وتناقشهما برفق وأدب امتثالًا لقول الله تعالى: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}، ولعلك بذلك -إن شاء الله- تحصل منهما على ما تريد ويرضيان عنك ويسهلان لك ما ترغب فيه.
وإذا لم تجد منهما استجابة، وكنت محتاجًا للزواج والسكن خارج منزلهما، فلا مانع من ذلك على أن تواصل البر والصلة والعناية بهما وتوفير مختلف حوائجهما. ولن يكون ذلك متاحًا لك في كل الأحوال والأوقات إلا إذا سكنت قريبًا منهما؛ فلتراع ذلك قدر المستطاع.
ونسأل الله تعالى أن ييسر أمورك، ويشفيك مما تعانيه، ويهدي والديك وجميع المسلمين.
والله أعلم.