السؤال
أنا فتاة في 17 من عمري، أحب شخصية كرتونية لشاب مذكر حبًّا كبيرًا، وتعلقت به لمدة 4 سنوات، وهو يضيع لي الكثير من الوقت، ويحتوي على الموسيقى عند مشاهدة الكرتون، ولكنني عملت جاهدة لإزالة هذه الموسيقى عنه، ونظّمت وقتي بحيث أفعل الكثير من الطاعات، ثم أشاهده، ولتعلقي الشديد به فهو يذكرني كثيرًا بالجنة، فأقول لنفسي: اعملي الطاعات لتريه في الآخرة، ولا أقول: اعملي الطاعات لأنك تحبين الله، وتخشينه، فهل نيتي فيها أمر خاطئ؟ أم يجب عليّ أن أترك مشاهدته؟ مع العلم أن ترك مشاهدته ستكون تحديًّا كبيرًا، وإذا تركت مشاهدته فهل يجب عليّ عدم التفكير فيه، فعندما أفكر فيه يدفعني، ويشجعني كثيرًا لفعل الأعمال الصالحة، وعندما حاولت أن أبتعد عن مشاهدته أحسست أن همتي لفعل الطاعات خفت بشكل مفاجئ، فأرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأفلام الكرتونية لا تخلو في الغالب من محاذير شرعية تقتضي المنع من مشاهدتها، وقد سبقت الإشارة إلى بعض هذه المحاذير فراجعيها في الفتوى رقم: 110537، ووجود الموسيقى واحد من هذه المحاذير.
وفي مشاهدتها تضييع للأوقات فيما لا يرضي رب الأرض والسماوات، ولو كان فيها نفع فقد تفوت على المسلم ما هو أنفع، ووقت المسلم أغلى من أن يضيع في مثل هذا، روى البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ.
وما ذكرت من تعلق قلبك بهذه الشخصية الكرتونية، وتحديثك نفسك بالطاعات للاجتماع بها في الآخرة أمر غريب، فهي ليست شخصية حقيقية حتى تكون مكلفة، ومن أهل الجنة، ويبدو أن هنالك مدخلًا للشيطان في هذا الأمر؛ ليربط قلبك بهذه الشخصية، ويوقعك في نوع من العشق لها، ومن مكره، وكيده استدراج المرء حتى يوقعه في حباله؛ ولذا حذر منه رب العزة فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:208}، فاصرفي قلبك عن التفكير فيها، وجاهدي نفسك في طاعة الله تعالى، وستجدين منه التوفيق، قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}، هذا فما يتعلق بهذه الشخصية الكرتونية.
وأما مسألة عمل الخير رجاء الاجتماع بشخص معين في الجنة، فإن هذا القصد لا يتنافى مع الإخلاص؛ لأن حقيقة الأمر في هذه الحالة قصد الآخرة، ودخول الجنة، وهو هنا إنما يطلب شيئًا في الجنة، والله عز وجل إنما ذكر ما في داخل الجنة من النعيم المقيم، والسعادة الأبدية ليرغب في طلب ذلك، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 129078.
والله أعلم.