السؤال
قال الله في كتابه العزيز: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) صدق الله العظيم.
ومن هذه الآية تم نص قانون الخلع، وتم تحديد الافتداء بالصداق عاجله وآجله، ولكن في أغلب الأحيان من الناحية القانونية لا يتم كتابة المهر في وثيقة الزواج لعدم دفع رسوم باهظة، أما من الناحية الشرعية فالله شاهد على المهر الحقيقي، وفى الأحاديث الشريفة أنه يجب على المختلعة أن ترد كامل المهر إلى زوجها وبعدها يتوجب عليه تطليقها رغما عنه، سواء كان موافقا أو رافضا للطلاق.
وفي المحاكم إذا كان المهر مكتوبا في وثيقة الزواج ورفضت المدعية رده يتم رفض القضية، أما في أغلب الأحيان فإن ما يكون مكتوبا هو مبلغ جنيه ويتم رده ويحكم لها بالخلع، وهنا السؤال الجوهري: ما توصيف إنكار الزوجة لمهرها الفعلي الذي حصلت عليه من أثاث وذهب ومال، وردها المهر الصوري فقط لا غير؟ فهل تعد خيانة للأمانة؟ أم شهادة وقول زور؟ أم له وصف آخر؟
وهل في هذه الحالة شرعا تظل هذه السيدة على ذمة زوجها؛ لأنها لم تفد نفسها كما جاء في كتاب الله؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما أشار السائل فإن مشروعية الخلع ثابتة بنص كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 40094، وننبه هنا إلى أنه يستحب للزوج إجابة زوجته إلى الخلع ولا يجب ذلك عليه، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ويسن له إجابتها أي إجابة طلب زوجته المخالعة، لحديث امرأة ثابت بن قيس. اهـ.
ولا شك في أن العبرة في المهر بما اتفق عليه الطرفان عند العقد، وأما ما يكتب صوريا لغرض من الأغراض فلا اعتبار له، فلو قدر أن تم الخلع واتفق الزوجان على أن العوض هو المهر وجب على المرأة أن تدفع إليه المهر الحقيقي، فإذا أنكرت فإنكارها كذب وخيانة، هذا مع التنبه إلى أنه لا يلزم أن يكون الخلع على المهر، فلا حرج في أن يكون على ما يتفقان عليه، وانظر الفتوى رقم: 8649.
وإذا تم الخلع وتوافرت أركانه صح الخلع واستحق الزوج العوض، ولا يشترط لصحة الخلع قبض العوض، ويجب رد المهر الحقيقي كما أسلفنا، فلو خالعته على المهر ولم تعطه المهر الحقيقي، تم الخلع، وكان المهر دينا عليها، وراجع الفتوى رقم: 273460.
والله أعلم.