السؤال
أنا وزوجتي نقيم بالخارج بحكم عملي، ومنذ فترة تجاوزت خمسة أشهر سافرت زوجتي لرعاية والدتها المريضة بالسرطان وحالتها متأخرة -شفاها الله وشفى كل مريض-، مع العلم أن لها أخًا متزوجًا يعيش في سكن مستقل، وأبًا حيًّا يُرزق ويعمل.
وأنا أريد أن تعود زوجتي، فكلما قلت لها: عودي. تقول: نصبر لما حالتها تتحسن أو نشوف حالتها الصحية. وأنا لا أستطيع الذهاب لها بحكم عملي، وبصراحة أنا أخشى على نفسي الوقوع في فتنة مشاهدة المواقع الإباحية وما يترتب عليها من معاصي، فأنا أريدها والقرار عندي، فإذا قلت لها: تعالي. ستأتي.
فهل عليّ حرج أو ذنب إذا طلبت زوجتي للعودة حفاظًا على ديني وعصمة لي ولها من الفتن؟ مع العلم أن والدها حي يرزق وبصحة جيدة، وأخاها متزوج، ولكني لا أريد أن أحمل نفسي أكثر من طاقتها، ومع العلم أن حالتهم المادية ميسورة، وهل لو قلت لها تعالي أكون سببًا في أي ضرر لوالدتها؟ ولا أدري هل ستتحسن أمها أم لا أثناء فترة مرضها، وأدعو لها في كل حين بالشفاء ولكل مريض.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نسأل الله تعالى لأم زوجتك الشفاء، وأن يذهب الله تعالى عن جسدها كل داء، وأن يلبسها ثوب الصحة والعافية، ونوصيكم بكثرة الدعاء؛ فالله -عز وجل- على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، هو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه.
وإن من أهم مقاصد الشرع من الزواج: إعفاف كل من الزوجين للآخر، دل على ذلك الحديث الذي رواه البخاري، ومسلم، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء». قال البهوتي الحنبلي في حاشية الروض المربع عند قول الحجاوي في زاد المستقنع: "وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة": لاشتماله على مصالح كثيرة كتحصين فرجه وفرج زوجته، والقيام بها، وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك. اهـ.
ولا حرج عليك في استدعاء زوجتك للعودة إليك، بل ينبغي أن تفعل؛ لتصون نفسك وتصونها، ومرض أمها ليس مانعًا شرعًا من طلبك منها الرجوع إليك، خاصة وأن الأمر قد يطول، وأسباب الفتن ومغرياتها كثيرة. ونوصيك بتقوى الله في مدة غيابها هذه، وأن تجتنب أسباب الفتنة ومثيرات الشهوة، وتعمل على ما يطفئ نارها كالصوم وترك الوحدة وشغل الفراغ بما ينفع، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 103381، والفتوى رقم: 12928.
ويمكنها أن تتعاهد أمها بالاتصال عليها وتفقد أحوالها، فذلك كله نوع من برها بها، ولله الحمد وسائل الاتصال الآن أصبحت متوفرة ومتنوعة بحيث يمكن أن ترى أمها وتراها.
والله أعلم.