السؤال
بالنسبة لعدم جواز هجر المسلم لأخيه فوق ثلاث ليال -كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم-: كان لي أصدقاء قبل سنوات (قرابة سبع سنوات وبعضهم أكثر) ثم حصلت مشاكل بيننا، وحصل بيننا قطيعة وهجر في ذلك الوقت، ثم سافرت أنا لبلد آخر أيضًا منذ سنوات، والآن تبت -والحمد لله- من الماضي ومعاصيه، فهل يجب عليّ الآن أن أبحث عن أولئك الأصدقاء القدماء أو أرقام هواتفهم وأتواصل معهم كشرط لصحة توبتي؟ وهل يكفي أن أتواصل معهم لمرة واحدة لاعتبار انتهاء الهجر والقطيعة أم يجب أن يتكرر التواصل؟ وهل أنا آثم إن لم أتواصل معهم رغم أنهم نسوني ونسيتهم؟
وجزاكم الله - تعالى - خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك قطع هذا الهجر، وراجع بخصوص أقل ما يزول به الهجر الفتويين: 128191، 128614.
وخلاصتهما: أن أقل ذلك رد السلام؛ فإذا لقيت أصحابك، وقطعت الهجر، والتزمتما السلام حال التلاقي، فلا حرج عليك -إن شاء الله-.
فإن لم تلقهم؛ فنرجو ألا يكون عليك حرج إذا وطنت نفسك على التسليم وعدم الإعراض إن لقيتهم؛ فإن الهجران المحرم هو الإعراض إذا لقيتهم، ولا يتحقق بغيابك عنهم مع حرصك على قطع الهجر؛ قال الزرقاني في شرح الموطأ: («يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا») عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ (وَيُعْرِضُ هَذَا) الْآخَرُ كَذَلِكَ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَصْلُهُ أَنْ يُولِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ عَرْضَهُ، أَيْ: جَانِبَهُ. انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ: "«فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا»" وَهُمَا بِمَعْنًى، وَيُعْرِضُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ فِيهِمَا وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ بَيَانٌ لِصِفَةِ الْهَجْرِ. انتهى.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: قال أبو عبيد: التدابر: المصارمة والهجران؛ مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره، ويعرض عنه بوجهه، وهو التقاطع. انتهى.
وإذا أمكنك البحث عنهم لإعلامهم بقطع الهجر، فهو حسن، ولكنه لا يلزم -كما سبق بيانه-.
والله أعلم.